السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
تحية تربوية أخوية أزفها لكم - وبعد -
لقد شد انتباهي مايعاني منه أساتذتنا و معلمونا الأكارم المحترمين في تعاملهم مع الطلبة المشاغبين ،الشئ الذي جعلني أن أضع بين أيديهم خبرتي المتواضعة ،وما وجدته من بحوث ونتاج خبرات أهل الخبرة والإختصاص حول الطرائق التربوية الهادفة للتقليل من ظاهرة التشويش ،بغية جلب إنتباه التلاميذ في الطريق الإيجابي بدل السلبي وتثمين نشاطه الزائد فيما يفيده لا فيما يظره ويعرقل الحصة .
* * * * * * * * * *
من الطبيعي جداً أن يوجد في القسم فئة من الطلبة المشاغبين، المشاكسين، وينبغي أن لا يستعجل المدرس بالحكم عليهم بأنهم لا يرغبون بالتعلم والنجاح، فجميع الطلبة يحبون أن يتعلموا ويتقدموا وينجحوا، فالباعث على المشاغبة ربما كان لمرحلة المراهقة أو لبعض الضغوط التي يواجهها الطالب في بيئته الاجتماعية، أو قد تكون تعبيراً لدى بعض الطلاب عن حبهم للظهور والتميز، فعندما لا يستطيع الطالب المحب للظهور التميز دراسياً فإنه يسعى إلى البحث عن طريقة أخرى للظهور والتميز، حتى لو كانت في نظر المدرسين سلوكيات سلبية أو تصرفات خاطئة.
* والطالب الذي يحتاج إلى عناية مركزة واهتمام هو الطالب الذي يتصرف بأحد النقيضين، فإما أن يكون طالباً خجولاً جداً ومنزوياً ولا يشارك زملاؤه الطلبة، وإما طالباً مشاغباً جداً، يفتعل الخصومات ويقود المنازعات، ويزعج الطلبة والمدرسين، هذان الصنفان هما اللذان ينبغي مناقشة حالتيهما بعناية مركزة.
* ومن الأخطاء الشائعة في معالجة مشاكل الطلبة المشاغبين أو غير المنضبطين هو تأخير مواجهة المشكلة بوقت مبكر وتركها تستفحل دون اتخاذ موقف حاسم لحلها، فمبدأ التأخير يسمح للقضية بالتعاظم والمشكلة بالتفاقم حتى لا يمكن بعد ذلك السيطرة عليها، لذا فعندما يلاحظ المدرس سوء سلوك متكرر من تلميذ ما، أو مشكلة واضحة لدى تلميذ آخر، فعليه المسارعة إلى اتخاذ موقف مناسب مباشرة، فإذا فعل ذلك شعر بارتياح كبير من التوتر الذي يتزامن مع المماطلة في حل القضايا.
* وهناك بعض الأساليب المقترحة للتعامل مع التلاميذ المشاغبين والتي أثبتت نجاعتها في كثير من الحالات، ولكنها تظل طرقاً يعتمد تطبيقها على الظروف المحيطة بالمشكلة، فما يمكن أن يكون مجدياً مع طالب ما، قد لا يكون مناسباً البتة مع طالب آخر، ومن الأساليب ما يأتي:
1- عقد جلسة خاصة:
من أفضل الأساليب وأكثرها فعالية في حل مشاكل التلاميذ المتعلقة بالانضباط، أو المشاكل النفسية، أو العلاقات الاجتماعية، أو حتى ما يتعلق بتحصيله الدراسي، أسلوب عقد جلسة خاصة مع التلميذ. هذه الجلسات الشخصية الانفرادية عادة ما تولد جواً من الألفة والتفاهم يندر تحقيقه في غير هذه الطريقة، فالنصيحة بالسر لا تحرج الطالب أمام زملائه ولا تشهر به، كما أن الطالب سوف يتكلم بارتياح ويزود المدرس بمعلومات كثيرة قد تساعد على حل المشكلة تلقائياً، وهذه الطريقة تعد أدعى الطرق وأفضلها لقبول النصيحة، والاستماع والإرشاد، فقديماً قد نسب إلى الشافعي قوله:
تعمدّني بنصحك في انفرادي
وجنّبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نـوع
من التوبيخ لا أرضى سماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجزع إذا لم تُعط طاعـة
2- التوبيخ و التعنيف:
إن أسلوب التوبيخ أو التعنيف قد أثبت جدواه في إيقاف كثير من التلاميذ غير المنضبطين، خاصة إذا كان التصرف والسلوك تصرفاً ثانوياً، فالتوبيخ والتعنيف غالباً ما يكونان كافيين.
في مثل هذه الحالة فإن بعض التلاميذ يكفيهم ذلك ليردعهم عن تصرفاتهم، بينما قد يواجه المدرس من لا يعبأ بذلك التوبيخ ولا يلقى له بالاً، فمثل هؤلاء الطلبة ينبغي أن لا يكثر عليهم المدرس التعنيف والتوبيخ أو يتلفظ عليهم بألفاظ جارحة قد لا تزيد المشكلة إلا تفاقماً وما أجمل ما نصح به أبو الفتح البستي حين قال:
ولا تعنّف إذا قومت ذا عوج
فربما أعقب التقويم تعويجاً
كما تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً بين التوبيخ والتعنيف والاستهزاء والسخرية، ففي حين أن التعنيف والتوبيخ قد يكون مطلوباً لحفظ النظام في حالات عديدة، إلا أن السخرية والاستهزاء تصرف غير مقبول من المدرس المربي حتى ولو أدى ذلك إلى حفظ النظام، فالمدرس الذي يكثر من الاستهزاء بالآخرين إنما يجني من ذلك كره التلاميذ له وعدم احترامه.
* اعمل:
1- أقم علاقة حسنة مع التلاميذ تقنعهم بأنك حريص على تقدمهم.
2- عامل تلامذتك كبشر يمكن أن يرتكبوا أخطاء كما يمكن أن يتغير سلوكهم.
3- حاول أن تفرق بين التصرف الفردي والتصرف أو السلوك الجماعي.
4- حاول أن تحل المشكلات على انفراد أو مع مجموعات صغيرة.
5- أشرك واستشر بعض زملائك المدرسين عندما يستعصي عليك السيطرة على المشكلة.
6- تجاهل بعض الهفوات والأخطاء البسيطة التي قد تصدر من بعض المتعلمين.
7- عاقب التلميذ أمام جميع التلاميذ إذا خرق النظام أمامهم.
* لا تعمل:
1- لا تصف تلميذاً بصفة معينة وتفترض أنه لن يتغير أبداً.
2- لا تسرف في العقاب.
3- لا تغضب وتفقد توازنك مهما كان السبب.
4- لا تتلفظ بألفاظ غير لائقة.
5- لا تعاقب جميع أفراد القسم بسبب سوء سلوك أحدهم.
6- لا تلجأ إلى طرق العقاب البدني أو تستعمل الضرب.
7- لا تجعل سلوك أحد التلاميذ يؤثر في تقويمك لإنجازه الدراسي.
8- لا تضع لنفسك نظاماً مختلفاً عن أنظمة العقاب المعمول بها في المدرسة ، فربما أدى ذلك إلى قلة فعاليتها وانعدام جدواها.
3- الأسئلة المتكررة:
واحدة من الطرق التي أثبتت جدواها في معالجة تصرفات التلاميذ غير المنضبطين هي سؤالهم المتكرر بعدة أسئلة، فالتلميذ الذي يسأل عدة أسئلة متكررة بعد أن تصرف تصرفاً غير مرغوب فيه سيشعر أن عليه أن يضبط نفسه أكثر حتى يقلل من إحراج نفسه بالأسئلة التي ربما لن يكون دائماً مستعداً لها، كما أن باقي الطلبة سيعلمون أيضاً أن الانضباط سوف ينجيهم من تلك الأسئلة.
4- إجراء اختبار بدلاً من التدريس:
عندما يتصرف أكثر تلاميذ القسم تصرفاً يخل بالانضباط أو النظام فمن تلك الحلول الناجعة التي تساعد على الانضباط أن يطلب الأستاذ من التلاميذ إخراج أوراق فارغة والبدء في اختبار قصير( فرض )، هذا الإجراء سيعيد الهدوء إلى القسم بأسرع وقت ممكن، كما أنه يبقي في ذاكرة التلاميذ كجزاء رادع إذا أخلوا بالنظام مرة أخرى، ولأن الاختبار كان مفاجئاً فإن درجات التلاميذ تكون منخفضة جداً، مما يمكن الأستاذ من التأكيد بأن هذه هي النتيجة الحتمية عندما لا يهتم التلاميذ بالانضباط والاهتمام، ويجدر أن يتذكر المعلم او الأستاذ أن هذا الاختبار إنما هو لضبط القسم وأن لا يجعله أحد الاختبارات المقوّمة لمستوى التلاميذ إذ إن الظروف التي أعطي فيها هذا الاختبار للمتعلمين لا تعكس قدراتهم ولا مدى تحصيلهم الدراسي.