سأحاول إنشاء نشر سلسلة من كتاب " أسعد امرأة في العالم" للدكتور الشيخ عائض القرني في حلقات أتمنى أن تكون نبراسا لكل أمرأة تنشد الحرية الحقيقية والعفاف وتطلب رضا الله عز وجل:
الإهداء:
إلى كلِّ مسلمةٍ رضيت بالله ربّـاً ، وبالإسلامِ ديناً ، وبمحمدٍ رسولاً .
إلى كلِّ فتاةٍ سلكت طريق الحقِّ ، وحملت رسالة الصدقِ ،
إلى كلِّ مربيةٍ جاهدت بكلمتها ، وحافظت على قِيَمِها ، وزكت نفسها .
إلى كلِّ أمٍ ربَّت أبناءها على التقوى ، وأنشأتهم على السُّنّة ، وحببت إليهم الفضيلة .
إلى كلِّ مهمومةٍ حزينةٍ :
اسعدي وافرحي بقرب الفرجِ ، ورعاية الله ، وعظيمِ الأجرِ ، وتكفيرِ السيئات .
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذا كتابُ يناشدُ المرأة أن تسعدَ بدينها ، وتفرحَ بفضل الله عليها ، وتستبشرَ بما عندها من نعم ، إنه بسمةُ أملٍ ، ونسيمُ رجاءٍ ، وإشراقةُ بشرى ، لكلِّ مَنْ ضاق صدرُها ، وكثُرَ همُّها ، وزاد غمُّها ، يناديها بانتظار الفرج ، وترقُّبِ اليُسْرَ بعد العُسْرَ ، ويخاطبُ عقلها الزكيَّ ، وقلبها الطاهر ، وروحها الصافيةَ ، ليقول لها : اصبري واحتسبي ، لا تيأسي ، لا تقنطي ، تفاءلي ، فإن الله معكِ ، والله حسبُكِ ، والله كافيكِ ، والله حافظُكِ ووليُّكِ .
أختاه : اقرئي هذا الكتاب ، ففيه الآيةُ المحكمةُ ، والحديثُ الصادقُ ، والقولُ الفصلُ ، والقصةُ الموحية ُ ، والبيتُ المؤثِّرُ ، والفكرةُ الصائبةُ ، والتجربةُ الراشدةُ ، اقرئي هذا السجلَّ ليطاردَ فيكِ فلولَ الأحزانِ ، وأشباح الهمومِ ، وكوابيسَ الخوف والقلق ، طالعي هذا الديوان ليساعدكِ على تنظيفِ الذاكرةِ من ركامِ الأوهامِ ، وأكوامِ الوساوسِ ، ويدلَّكِ على رياضِ الأنسِ ، وبستانِ السعادةِ ، وديارِ الإيمانِ ، وحدائقِ الأفراحِ ، وجنَّاتِ السرورِ ، عسى الله أن يُسْعِدكِ في الدارينِ بمَنِّةِ وكرمهِ إنه جواد كريم .
وقد جعلتُه كنزاً يحوي حُليّاً زاهياً تتجملين به ، فيه من بريقِ الحُسْنِ ، ولمعانِ الجمالِ ، وسناءِ الحقِّ ، ما يفوقُ وميضَ الذَّهَبِ ، وإغراءَ الفِضَّةِ ، وسمَّيْتُ فصولَهُ بأسماءِ الحُلِيِّ ، من سبائكَ ، وعقودٍ ، وفرائدَ ، ومرجانٍ ، وجمانٍ ، وجواهر ، وخواتم ، وألماسٍ ، وزبرجَد ، وياقوت ، ودُرَرٍ ، ولآليء ، وزمرُّد ، وعسْجَد .
فإذا كان هذا الكتابُ عندكِ فلا عليكِ من كلِّ زخرفٍ دنيويِّ ، وزينةٍ جوفاء ، ومظاهرَ زائفةٍ ، وموضاتٍ تافهةٍ ، فتحلي بهذه الحلية ، والبسِيها في مهرجان الحياةِ ، وتزيَّني بها في عرسِ الدنيا ، وفي أعياد السرور ، ومواسم الأفراح ، وليالي البهجة ، لتكوني – إن شاء الله – ( أسعد امرأةٍ في العالم ) :
يا أسعد الناس في دينٍ وفي أدبِ
بل بالتسابيح كالبشرى مرتلة
في سجدةٍ ، في دعاءٍ ، في مراقبةٍ
في ومضةٍ من سناء الغارِ جاد بها
فأنتِ أسعد كلِّ العالمين بما
بلا جُمانٍ ولا عِقْدٍ ولا ذهبِ
كالغيثِ كالفجرِ كالإشراقِ كالسحبِ
في فكرةٍ بين نور اللوح والكتبِ
رسولُ ربِّكِ للرومان والعربِ
في قلبكِ الطاهرِ المعمورِ بالقُرَبِ
إن سبيل سعادتكِ يكمن في صفاء معرفتِك ونقاءٍ ثقافتِك ، وهذا لا يحصلُ بالقصص الرومانسيةِ الخياليةِ التي تَجُرُّ القارئَ إلى الخروجِ من واقعه والذهاب بعيداً عن عالمه ، وقد تجدين فيها أحلاماً ورديةً ، وخمرةَ أوهامٍ مسكرة ، ولكنَّ ثمارها إحباطٌ وانفصامٌ في الشخصية ، وكآبةٌ قاتلةٌ ، بل ما هو أخطر من ذلك ؛ كقصص ( أجاثا كريستي ) التي تعلِّم الخداعَ والجريمةَ والنهبَ والسلبَ ، وقد طالعتُ سلسلة ( روائع القصص العالمي ) وهي مترجمات منتقاة من القصص الخلاَّبة، والحائزة على جائزة نوبل ، فألفيتُها مشوبةً بكثيرٍ من الأغلاط الكبرى والحماقات . ولا شك أن في بعض روائع القصص العالمي رواياتٍ جيدة ، من حيث رقيُّ الفنِّ القصصي والعمل الروائي ؛ كرواية ( الشيخ والبحر ) لآرنست همنغواي ، وأشباهها من القصص التي جانبت الفحش والرذيلة ، وسَلِمتْ من غوائلِ الانحطاط الأخلاقي والإسفاف الأدبي .
فحُقَّ على كلِّ راشدةٍ أن تطالع التراث القصصي الراشد : مثل كتب الطنطاوي والكيلاني والمنفلوطي والرافعي وأمثالهم ، ممن لديه طهرٌ ، وعنده ضميرٌ حيٌّ ، ويحمل رسالة واعيةً ، وإنما ذَكرْتُ هذا ؛ لأنني حَرِصتُ على نقاءٍ كتابي من لوثةِ الأجنبي ، وسمِّ المنحرفِ ، وغثاءِ التافهين ، فكم من ضحيّةٍ لمقالةٍ ، وكم من قتيلٍ لروايةٍ ، والله الحافظ .
وعلى كلِّ حال ، فلا أَجَلَّ ولا أحسنَ من قصص الله في كتابه ، ورسوله في سنته ، والتاريخ المجيد للأبرار من الخلفاء والعلماء والصالحين،
فسيري على بركةِ الله ، فأنتِ السعيدةُ بما عندكِ من دين وهدى، وبما لديكِ من عقيدةٍ وميراث .