الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
إنه أمر هام جدًا وفي غاية الخطورة .. إنه جد لا هزل .. وحق لا باطل .. فانتبهي إن أردت الخير لنفسك
أكثر أهل النار النساء .. وبيان أسباب ذلك .. فاحذري
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ ، يَكْفُرْنَ ، قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا ، قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ))[1]
قال النووي : وَالْعَشِير الْمُعَاشِر كَالزَّوْجِ وَغَيْره , فِيهِ ذَمّ كُفْرَان الْحُقُوق لأَصْحَابِهَا .
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ))[2]
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ ))[3]
عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ :
(( خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))[4]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
(( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفَارَ ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ : وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ؟ قَالَ : تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ ؟ قَالَ : أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِي مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ ))[5]
قال النووي : ( الْعَشِيرُ ) الْمُرَاد هُنَا الزَّوْج . وَأَمَّا اللُّبُّ فَهُوَ الْعَقْل . وَالْمُرَاد كَمَالُ الْعَقْل .
في الحديث : أَنَّ كُفْرَان الْعَشِير وَالإِحْسَان مِنْ الْكَبَائِر فَإِنَّ التَّوَعُّد بِالنَّارِ مِنْ عَلامَة كَوْن الْمَعْصِيَة كَبِيرَة .
وَفِيهِ أَنَّ اللَّعْن أَيْضًا مِنْ الْمَعَاصِي الشَّدِيدَة الْقُبْح وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَبِيرَة فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تُكْثِرْنَ اللَّعْن " وَالصَّغِيرَة إِذَا أُكْثِرَتْ صَارَتْ كَبِيرَة وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعْن الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ " .
وَفِيهِ إِطْلاق الْكُفْر عَلَى غَيْر الْكُفْر بِاَللَّهِ تَعَالَى - كَكُفْرِ الْعَشِير , وَالإِحْسَان , وَالنِّعْمَة وَالْحَقّ .[6]
قال الحافظ : قَوْله : ( أُرِيتُكُنَّ ) الْمُرَاد أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَرَاهُنَّ لَهُ لَيْلَة الإِسْرَاء , كما في حديث ابْن عَبَّاس (( أُرِيت النَّار فَرَأَيْت أَكْثَر أَهْلهَا النِّسَاء )) والرُّؤْيَة الْمَذْكُورَة وَقَعَتْ فِي حَال صَلاة الْكُسُوف .
( وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير ) أَيْ تَجْحَدْنَ حَقّ الْخَلِيط - وَهُوَ الزَّوْج - أَوْ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ .
قَوْله : ( مِنْ نَاقِصَات ) ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة أَسْبَاب كَوْنهنَّ أَكْثَر أَهْل النَّار ; لأَنَّهُنَّ إِذَا كُنَّ سَبَبًا لإِذْهَابِ عَقْل الرَّجُل الْحَازِم حَتَّى يَفْعَل أَوْ يَقُول مَا لا يَنْبَغِي فَقَدْ شَارَكْنَهُ فِي الإِثْم وَزِدْنَ عَلَيْهِ .
قَوْله : ( أَذْهَبُ ) أَيْ أَشَدّ إِذْهَابًا , وَاللُّبّ أَخَصّ مِنْ الْعَقْل وَهُوَ الْخَالِص مِنْهُ , ( الْحَازِم ) الضَّابِط لأَمْرِهِ , وَهَذِهِ مُبَالَغَة فِي وَصْفهنَّ بِذَلِكَ ; لأَنَّ الضَّابِط لِأَمْرِهِ إِذَا كَانَ يَنْقَاد لَهُنَّ فَغَيْر الضَّابِط أَوْلَى
وَفِيهِ أَنَّ جَحْد النِّعَم حَرَام , وَكَذَا كَثْرَة اِسْتِعْمَال الْكَلام الْقَبِيح كَاللَّعْنِ وَالشَّتْم , اِسْتَدَلَّ النَّوَوِيّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِر بِالتَّوَعُّدِ عَلَيْهَا بِالنَّارِ .[7]
فإلى كل زوجة جحدت
وإلى كل زوجة أنكرت الإحسان
وإلى كل زوجة تنظر دومًا لزوجها بعين النقص والنكران
لا تكوني من أهل النار .. لا تكوني من أهل النار
فهذه صفات أكثر أهل النار .. كفران العشير .. اللعن .. جحود الإحسان .. نكران الجميل .. الإساءة والإيذاء بالفعل والقول ..
استغفري الله وتوبي إليه ، واعلمي أن هذا دين العدل
توبي إلى الله عز وجل توبة صادقة لا رجعة فيها
فيا حسرة من كانت النار مسكنها بسب جحودها لإحسان لزوجها
نعم قد تكوني من الصالحات وقد تكوني من الداعيات لكن قد تكوني مبدعة في فن الجحود وإنكار الجميل .
إذا أردت الجنة .. والهروب من النار
أشكري زوجك على أفعاله الحسنة ، وتذكري دومًا معروفه الذي قدّمه لكِ طوال عشرته معك ، أو جميل قدّمه لأهلِك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللَّهَ ))[8]
وأولى الناس بالشكر هو زوجك بلا شك
عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ ، فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى فَقَدْ شَكَرَ ، وَمَنْ كَتَمَ فَقَدْ كَفَرَ ..))[9]
ابتعدي عن كثرة الجدال ... لأن ذلك قد يفضي أثناء غضبك إلى الجحود والنكران
لا تتفنني في زخرفة الخيال لديك بأهمية تأديب الزوج بهذا الأسلوب... وأن الرجال لا ينفع معهم إلا ذلك .
ولكن كوني امرأة صالحة منصفة ...لا تجرح مشاعر زوجها ولا تنكر إحسانه .
لا تلبسي النظارة السوداء عندما يسود الخلاف بينكما ، فما يقع فيه بعض النساء من الخلاف الطبيعي بين الزوجين يجعل بعضهن تلبس هذه النظارة فلا ترى كل شيء على كيانه ....
فتجدها تخفي الحسن من أفعال ذلك الزوج ، وتظهر القبح ...
و ما ينجر عليه بعض النساء من الجحود والنكران هو أن كل امرأة تبدأ تعرض لصديقاتها ذلك فتقول زوجي عصبي ( وهو إنسان له أخلاقه الحسنة لكنه غضب في أحد الأوقات ، فعلقت المرأة هذا الموقف على جميع محاسنه) .
أو أن تقول زوجي بخيل (لأنه رفض لها طلب غير مقتنع فيه أو لم يتيسر له مبلغ هذا الطلب آنذاك ومع ذلك يؤدي النفقة الواجبة واللوازم التي ينبغي أن ييسرها) .
أو غير ذلك من الأمثلة حيث تعلق بعض النساء موقف سلبي في حياة الرجل على مواقفه الإيجابية في حياته كلها ...
واعلمي أن الظلم ظلمات يوم القيامة
واعلمي أن جحود النعم يؤدي لزوالها ، فقد جعل الله لك من زوجك الرزق والسكن والمأوى والحماية والحفظ والرعاية .. فلا تكفري هذه النعم فتزول عنك .. وتندمي حين لا ينفع الندم .
فالخير كل الخير في الطاعة والشكر .. والشر كل الشر في المخالفة والجحود .
[1] رواه البخاري في الإيمان باب كفران العشير (29) ، ومسلم في الكسوف (1512) ، والنسائي في الكسوف (1476) ، وأحمد (1873) ، ومالك في النداء للصلاة (399) .
[2] رواه البخاري في بدء الخلق باب ما جاء في صفة الجنة (3241) ، والترمذي في صفة جهنم (2528) ، وأحمد (19008)
[3] رواه مسلم في الذكر والدعاء باب أكثر أهل الجنة الفقراء (4921) ، وأحمد (18995)
[4] رواه الترمذي في الزكاة باب ما جاء في زكاة الحلي (575) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، وأحمد (25803)
[5] رواه البخاري في الحيض (304) ، ومسلم في الإيمان باب بيان نقصان الإيمان (114) واللفظ له ، والنسائي في صلاة العيدين (1561) ، وأبو داود في السنة (4059) ، وابن ماجه في الفتن (3993) ، وأحمد (5091) ،
[6] شرح مسلم باختصار .
[7] الفتح باختصار .
[8] رواه الترمذي في البر والصلة باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (1877) وقال : حديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، ورواه أبو داود في الأدب (4177) ، وأحمد (7191)
[9] رواه الترمذي في البر والصلة (1957) ، وأبو داود في الأدب (4179) ، والبخاري في الأدب المفرد ، وابن حبان وقال المناوي في التيسير : إسناده صحيح ، وصححه الألباني في الصحيحة (617)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
إنه أمر هام جدًا وفي غاية الخطورة .. إنه جد لا هزل .. وحق لا باطل .. فانتبهي إن أردت الخير لنفسك
أكثر أهل النار النساء .. وبيان أسباب ذلك .. فاحذري
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ ، يَكْفُرْنَ ، قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا ، قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ))[1]
قال النووي : وَالْعَشِير الْمُعَاشِر كَالزَّوْجِ وَغَيْره , فِيهِ ذَمّ كُفْرَان الْحُقُوق لأَصْحَابِهَا .
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ))[2]
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ ))[3]
عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ :
(( خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))[4]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
(( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفَارَ ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ : وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ؟ قَالَ : تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ ؟ قَالَ : أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِي مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ ))[5]
قال النووي : ( الْعَشِيرُ ) الْمُرَاد هُنَا الزَّوْج . وَأَمَّا اللُّبُّ فَهُوَ الْعَقْل . وَالْمُرَاد كَمَالُ الْعَقْل .
في الحديث : أَنَّ كُفْرَان الْعَشِير وَالإِحْسَان مِنْ الْكَبَائِر فَإِنَّ التَّوَعُّد بِالنَّارِ مِنْ عَلامَة كَوْن الْمَعْصِيَة كَبِيرَة .
وَفِيهِ أَنَّ اللَّعْن أَيْضًا مِنْ الْمَعَاصِي الشَّدِيدَة الْقُبْح وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَبِيرَة فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تُكْثِرْنَ اللَّعْن " وَالصَّغِيرَة إِذَا أُكْثِرَتْ صَارَتْ كَبِيرَة وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعْن الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ " .
وَفِيهِ إِطْلاق الْكُفْر عَلَى غَيْر الْكُفْر بِاَللَّهِ تَعَالَى - كَكُفْرِ الْعَشِير , وَالإِحْسَان , وَالنِّعْمَة وَالْحَقّ .[6]
قال الحافظ : قَوْله : ( أُرِيتُكُنَّ ) الْمُرَاد أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَرَاهُنَّ لَهُ لَيْلَة الإِسْرَاء , كما في حديث ابْن عَبَّاس (( أُرِيت النَّار فَرَأَيْت أَكْثَر أَهْلهَا النِّسَاء )) والرُّؤْيَة الْمَذْكُورَة وَقَعَتْ فِي حَال صَلاة الْكُسُوف .
( وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير ) أَيْ تَجْحَدْنَ حَقّ الْخَلِيط - وَهُوَ الزَّوْج - أَوْ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ .
قَوْله : ( مِنْ نَاقِصَات ) ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة أَسْبَاب كَوْنهنَّ أَكْثَر أَهْل النَّار ; لأَنَّهُنَّ إِذَا كُنَّ سَبَبًا لإِذْهَابِ عَقْل الرَّجُل الْحَازِم حَتَّى يَفْعَل أَوْ يَقُول مَا لا يَنْبَغِي فَقَدْ شَارَكْنَهُ فِي الإِثْم وَزِدْنَ عَلَيْهِ .
قَوْله : ( أَذْهَبُ ) أَيْ أَشَدّ إِذْهَابًا , وَاللُّبّ أَخَصّ مِنْ الْعَقْل وَهُوَ الْخَالِص مِنْهُ , ( الْحَازِم ) الضَّابِط لأَمْرِهِ , وَهَذِهِ مُبَالَغَة فِي وَصْفهنَّ بِذَلِكَ ; لأَنَّ الضَّابِط لِأَمْرِهِ إِذَا كَانَ يَنْقَاد لَهُنَّ فَغَيْر الضَّابِط أَوْلَى
وَفِيهِ أَنَّ جَحْد النِّعَم حَرَام , وَكَذَا كَثْرَة اِسْتِعْمَال الْكَلام الْقَبِيح كَاللَّعْنِ وَالشَّتْم , اِسْتَدَلَّ النَّوَوِيّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِر بِالتَّوَعُّدِ عَلَيْهَا بِالنَّارِ .[7]
فإلى كل زوجة جحدت
وإلى كل زوجة أنكرت الإحسان
وإلى كل زوجة تنظر دومًا لزوجها بعين النقص والنكران
لا تكوني من أهل النار .. لا تكوني من أهل النار
فهذه صفات أكثر أهل النار .. كفران العشير .. اللعن .. جحود الإحسان .. نكران الجميل .. الإساءة والإيذاء بالفعل والقول ..
استغفري الله وتوبي إليه ، واعلمي أن هذا دين العدل
توبي إلى الله عز وجل توبة صادقة لا رجعة فيها
فيا حسرة من كانت النار مسكنها بسب جحودها لإحسان لزوجها
نعم قد تكوني من الصالحات وقد تكوني من الداعيات لكن قد تكوني مبدعة في فن الجحود وإنكار الجميل .
إذا أردت الجنة .. والهروب من النار
أشكري زوجك على أفعاله الحسنة ، وتذكري دومًا معروفه الذي قدّمه لكِ طوال عشرته معك ، أو جميل قدّمه لأهلِك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللَّهَ ))[8]
وأولى الناس بالشكر هو زوجك بلا شك
عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ ، فَإِنَّ مَنْ أَثْنَى فَقَدْ شَكَرَ ، وَمَنْ كَتَمَ فَقَدْ كَفَرَ ..))[9]
ابتعدي عن كثرة الجدال ... لأن ذلك قد يفضي أثناء غضبك إلى الجحود والنكران
لا تتفنني في زخرفة الخيال لديك بأهمية تأديب الزوج بهذا الأسلوب... وأن الرجال لا ينفع معهم إلا ذلك .
ولكن كوني امرأة صالحة منصفة ...لا تجرح مشاعر زوجها ولا تنكر إحسانه .
لا تلبسي النظارة السوداء عندما يسود الخلاف بينكما ، فما يقع فيه بعض النساء من الخلاف الطبيعي بين الزوجين يجعل بعضهن تلبس هذه النظارة فلا ترى كل شيء على كيانه ....
فتجدها تخفي الحسن من أفعال ذلك الزوج ، وتظهر القبح ...
و ما ينجر عليه بعض النساء من الجحود والنكران هو أن كل امرأة تبدأ تعرض لصديقاتها ذلك فتقول زوجي عصبي ( وهو إنسان له أخلاقه الحسنة لكنه غضب في أحد الأوقات ، فعلقت المرأة هذا الموقف على جميع محاسنه) .
أو أن تقول زوجي بخيل (لأنه رفض لها طلب غير مقتنع فيه أو لم يتيسر له مبلغ هذا الطلب آنذاك ومع ذلك يؤدي النفقة الواجبة واللوازم التي ينبغي أن ييسرها) .
أو غير ذلك من الأمثلة حيث تعلق بعض النساء موقف سلبي في حياة الرجل على مواقفه الإيجابية في حياته كلها ...
واعلمي أن الظلم ظلمات يوم القيامة
واعلمي أن جحود النعم يؤدي لزوالها ، فقد جعل الله لك من زوجك الرزق والسكن والمأوى والحماية والحفظ والرعاية .. فلا تكفري هذه النعم فتزول عنك .. وتندمي حين لا ينفع الندم .
فالخير كل الخير في الطاعة والشكر .. والشر كل الشر في المخالفة والجحود .
[1] رواه البخاري في الإيمان باب كفران العشير (29) ، ومسلم في الكسوف (1512) ، والنسائي في الكسوف (1476) ، وأحمد (1873) ، ومالك في النداء للصلاة (399) .
[2] رواه البخاري في بدء الخلق باب ما جاء في صفة الجنة (3241) ، والترمذي في صفة جهنم (2528) ، وأحمد (19008)
[3] رواه مسلم في الذكر والدعاء باب أكثر أهل الجنة الفقراء (4921) ، وأحمد (18995)
[4] رواه الترمذي في الزكاة باب ما جاء في زكاة الحلي (575) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، وأحمد (25803)
[5] رواه البخاري في الحيض (304) ، ومسلم في الإيمان باب بيان نقصان الإيمان (114) واللفظ له ، والنسائي في صلاة العيدين (1561) ، وأبو داود في السنة (4059) ، وابن ماجه في الفتن (3993) ، وأحمد (5091) ،
[6] شرح مسلم باختصار .
[7] الفتح باختصار .
[8] رواه الترمذي في البر والصلة باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (1877) وقال : حديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، ورواه أبو داود في الأدب (4177) ، وأحمد (7191)
[9] رواه الترمذي في البر والصلة (1957) ، وأبو داود في الأدب (4179) ، والبخاري في الأدب المفرد ، وابن حبان وقال المناوي في التيسير : إسناده صحيح ، وصححه الألباني في الصحيحة (617)