بومدين يحاول إحداث التوازن داخل الجيش
عرف
ما اصطلح عليهم بـ"الضباط الفارين من الجيش الفرنسي" الذين التحقوا بجيش
التحرير بمستواهم العسكري الجيد، سواء من حيث التدريب أو الانضباط، لذلك
أوكلت لهم مهمة تدريب مجاهدي جيش التحرير في مدارس عسكرية على الحدود
التونسية والمغربية، لكنهم لم يكونوا يتمتعون بشعبية وسط المجاهدين بل كان
ينظر إليهم بعين الريبة.
وسعى
جيش التحرير خلال الثورة إلى استقطاب الضباط والجنود الجزائريين في الجيش
الفرنسي إلى صفوفه بهدف زعزعة كيان الجيش الفرنسي وإرباك صفوفه، والاستفادة
من السلاح الذي يفر به هؤلاء والذي كان المجاهدون في أمس الحاجة إليه،
والهدف الثالث هو الاستفادة من خبرة هؤلاء في استعمال السلاح والتدريب
العسكري.
ولتشجيع
هؤلاء الضباط على الالتحاق بالثورة، كنا نعدهم برفع رتبهم العسكرية بدرجة
واحدة عما منحتهم إياه فرنسا من رتب، ولم تكن فرنسا في الغالب تمنح
الجزائريين رتبا عسكرية عالية.
وخلال
قيادتي لأركان الجيش الوطني الشعبي (1963 ـ 1967) كان مجموع "الضباط
الفارين من الجيش الفرنسي" بجميع رتبهم نحو 200 ضابط وضابط صف، لكن أبرز
هؤلاء الضباط كان الرائد عبد القادر شابو الأمين العام لوزارة الدفاع والذي
كان بمثابة مستشار لبومدين وصلاحياته الإدارية كانت تفوق صلاحياتي كقائد
أركان، وهو الذي كان يوقع مراسيم تعيين الضباط وتحويلهم وترقيتهم، وكقائد
أركان كنت أحتاج إلى توقيع شابو عندما أطلب أي تجهيزات أو تموين للجيش.
والحقيقة
أن شابو كان يحترمني ولم يحدث طيلة قيادتي لأركان الجيش الوطني الشعبي أن
اصطدمت معه أو حدث بيننا أي خلاف جدي، لكني كنت أرفض من حيث المبدأ أن
يتولى "الضباط الفارون من الجيش الفرنسي" مناصب قيادية حساسة في الجيش،
وكنت أرى أن دورهم يجب أن يقتصر على التدريب فقط وهذا ما كان يوافقني فيه
بومدين مع معظم القادة السياسيين والعسكريين في الحزب وخاصة العقيد شعباني
والرائد علي منجلي عضو قيادة الأركان العامة لجيش التحرير الذي كان أول من
انتقد اعتماد جيش التحرير على الضباط الفارين من الجيش الفرنسي خلال اجتماع
مجلس الثورة في 1960.
وسعى
بومدين إلى إحداث التوازن بين »الضباط الفارين من الجيش الفرنسي« وقدماء
ضباط جيش التحرير في المناصب والمسؤوليات، لكن شيئا فشيئا أصبحت الكفة تميل
لصالح الضباط الفارين من الجيش الفرنسي الذين أصبحوا يستعرضون عضلاتهم
بفضل مستواهم المعرفي الذي يفوق مستوى معظم قدماء ضباط جيش التحرير من
أبناء الشعب الذين لم يخضعوا لتكوين عسكري بالمعنى الأكاديمي لانشغالهم
بالجهاد والكفاح المسلح ضد الاحتلال الفرنسي خلال الثورة.
ولحسن
الحظ تم تأطير الجيش وتوزيع الضباط وقادة الجيش على الوحدات قبل أن يتولى
الضباط الفارون من الجيش الفرنسي مناصب قيادية ويتمكن شابو من الوصول إلى
منصب رئيس ديوان وزارة الدفاع ثم أمينا عاما لها وهذا المنصب لم يكن موجودا
في السنوات الأولى للاستقلال.
أصبحت
وزارة الدفاع محاطة بعدد من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي البارزين
أمثال الرائد محمد زرقيني الذي كان يتمتع بمستوى عالي ويتقن العربية
والفرنسية ومعه كل من هوفمان وبوتلة، بالإضافة إلى ضباط آخرين أمثال عبد
المجيد علاهم ومحمد علاهم والضابط مصطفى الذي كان مكلفا بالتدريب العسكري
في مدرسة ضباط الصف بالبليدة وقبلها كان مكلفا بالتدريب في مدرسة عسكرية
بقرن الحلفاية على الحدود التونسية الجزائرية خلال الثورة، إلا أن قادة
النواحي العسكرية كانوا كلهم من قدماء ضباط جيش التحرير.
وبعد
مرور عامين على تنحيتنا لبن بله، لاحظت على بومدين ثغرات في التسيير،
أخطرها ضمه لديوانه بعض "الضباط الفارين من الجيش الفرنسي"، بل أكثر من ذلك
فقد ترك لهم مهمة تنظيم الجيش، أما قدماء ضباط جيش التحرير فصار يبعدهم
شيئا فشيئا عن المناصب القيادية داخل الجيش، على أساس أنهم قليلي الانضباط
والطاعة على عكس الضباط الفارين من الجيش الفرنسي، مما جعل علاقتي ببومدين
تشهد فتورا متزايدا.
2 ـ مشاكل المجاهدين لا تجد طريقها للحل
في
أوائل عام 1967 طرحت على بومدين مشكل المجاهدين وأسر الشهداء وضرورة
التكفل بهم، فقد كانت أوضاع الكثير منهم صعبة وظروف عيشهم بائسة، وكانت
تصلني الكثير من الشكاوى في هذا الشأن، ورغم أن بومدين كان يلقي خطابات
مؤثرة على الشعب إلا أنه لم يفصل في كثير من القضايا، وترك حاشيته هي التي
تتصرف.
لذلك
اقترحت على بومدين تأسيس مجلس خاص لحل مشاكل المجاهدين، ونعتبر الجزائر
"غنيمة حرب"، ونعيد توزيع الثروة بعدالة على المجاهدين والمسبلين
والمناضلين والمخلصين من هذا الوطن، ونضع قائمة تحدد أسماء كل هؤلاء بدقة
ووفق مقاييس محددة، ومن هذه القائمة نختار الإطارات التي تسير البلاد.
وكان
الدكتور النقاش وزير المجاهدين والشؤون الاجتماعية قد أشار في أحد تقاريره
إلى أن عدد الأسرى في السجون الاستعمارية كان كبيرا ومن الصعب التفريق بين
المجاهدين والمناضلين وأن معظمهم يطالبون بالالتحاق بالجيش لأنهم لا يجدون
ما يسد رمقهم، نظرا لانتشار البطالة بسبب عدم وجود فرص عمل، لذلك اقترح أن
يقوم كل قطاع إداري بتوظيف 10 بالمئة من المجاهدين، أما معطوبو حرب
التحرير العاجزون عن العمل فتقدم لهم منحة ليتقوتوا منها، إلا أن توصيات
النقاش لم تطبق في الميدان.
ولذلك
وضعت أمام بومدين اقتراحا آخر يتمثل في خلق كتابة دولة للمجاهدين تابعة
لوزارة الدفاع باعتبارها الأقرب للمجاهدين حتى نتمكن من حل مشاكلهم
الاجتماعية بأكثر فاعلية وقوة إلزامية، لكن بومدين كان يجيب على اقتراحاتي
بشكل عام ولم يكن يبدي استعدادا لحل مشاكل المجاهدين بشكل جدي إلى أن
صارحني يوما قائلا:
ـ سي الطاهر خليهم، هذوا ما تخلاصش مشاكلهم حتى يخلاصو.
بمعنى دعك من المجاهدين، فهؤلاء لن تنتهي مشاكلهم حتى يموتوا جميعا.
هذه
الكلمة التي قالها بومدين صدمتني وأصابتني في الصميم، بل أحبطت معنوياتي،
لأني كنت أنظر إلى المجاهدين كعائلة واحدة، ولا ينبغي أن نتخلى عن فئة منا
ونتركها تموت جوعا وذلا في الوقت الذي يستولي الوصوليون بشكل عشوائي على
الفيلات ومزارع التسيير الذاتي التي تركها المعمرون.
لم
أكن أحتمل أن أرى المجاهدين وعائلاتهم يتجمعون في الساحات وأمام الهيئات
الرسمية للاحتجاج على وضعيتهم الاجتماعية الصعبة، واعتبرت أن بومدين يتحمل
هو وحاشيته جزءاً من معاناة هؤلاء المجاهدين، خاصة وأن الضباط الفارين من
الجيش الفرنسي كانت لهم نية لتصفية الجيش من بعض الإطارات من المجاهدين،
خصوصا أولئك الذين قد يشكلون خطرا على تمدد نفوذهم في الجيش، من خلال
اختلاق صعوبات لهم لدفعهم للخروج من الجيش كعدم إدراج بعضهم في قوائم
الإطارات المستفيدة من دورات التدريب في الخارج، وعدم ترقيتهم أو عدم
تكليفهم بمهام معينة بعد عودتهم من دورات التكوين في الخارج مثلما حدث مع
مصطفى بلوصيف، ومن جهة أخرى كان يتم تسريحهم إراديا من خلال دفع 2 مليون
سنتيم كتعويضات لكل من يقبل بمغادرة الجيش إراديا، وقد سعيت لإقناع ومساعدة
الكثير من الضباط من قدماء جيش التحرير على عدم مغادرة صفوف الجيش، بالرغم
من العراقيل والمثبطات بل وحتى التحفيزات لدفعهم للخروج من السلك العسكري.
كما
عملت على محاربة عقلية التفريق بين جيش الخارج (جيش الحدود) وجيش الداخل
(جيوش الولايات إبان الثورة)، فتوحيد الجيش وعدم التفريق بين جنوده وضباطه
كان من الأهداف الأساسية التي سعيت لتحقيقها خلال قيادتي لأركان الجيش الذي
أعتبره القوة الوحيدة التي استطاعت بناء الدولة الجزائرية على أسس متينة.
ولكني
بحكم أني كنت ضمن جيش الداخل كما كنت ضمن جيش الخارج، أدرك جيدا أن معاناة
جيش الداخل خلال الثورة كانت أكثر صعوبة من التحديات التي واجهها جيش
الحدود، فأغلب من كان يخرج إلى تونس أو إلى المغرب لا يرجع إلى الداخل،
لأنه يجد نفسه بعيدا عن عضات الجوع ولسعات البرد، إلا أنه وبعد الاستقلال
سيطر جيش الحدود ـ الذي يضم في صفوفه الضباط الفارين من الجيش الفرنسي ـ
على معظم المناصب الحساسة في الجيش الوطني الشعبي بدعم من بومدين الذي كان
يرى في جيش الحدود أكثر ولاء لشخصه من جيش الداخل المقسم على عدة ولايات
وعدة ولاءات، ولهذا تم التخلص بطريقة أو بأخرى من مجاهدي الداخل الذين لا
يظهرون قدرا كافيا من الطاعة والولاء.
3 ـ عدم الرجوع للشرعية والعودة للحكم الفردي
كنا
نعيب على بن بله ميله للحكم الفردي على حساب مبدأ القيادة الجماعية،
وتركيزه لعدة سلطات بيده، وعندما اتفقنا على الإطاحة به كان أخشى ما أخشاه
أن نفترق بعد ذلك، لذلك أصررت على التأكيد على تحديد مدة زمنية للعودة
بالبلاد إلى الشرعية، وكان رد قايد أحمد "عام أو عامين"، لكن بومدين رفض
تحديد مدة زمنية لذلك "حتى لا نضيق الوقت على أنفسنا"، ورغم أنني هددت
حينها بعدم الاشتراك معهم في التصحيح الثوري إذا لم يفصل في الأمر، إلا أن
تطمينات قايد أحمد دفعتني للتراجع دون أن أتخلص من هواجسي.
وبعد
مرور عامين على التصحيح الثوري، لم يقم بومدين بأي إجراء ينم عن رغبة في
العودة إلى الشرعية، لا عبر الانتخابات العامة ولا حتى بإعادة مؤتمر حزب
جبهة التحرير الوطني لعام 1964 الذي اتهم بن بله بتزويره والتزم بإعادة
تصحيحه وهذا ما أبلغناه لقادة الدول التي زرناها وعلى رأسهم جمال عبد
الناصر لكن بومدين تنصل عن وعوده.
كل
ما قام به بومدين هو تنظيم انتخابات بلدية في فيفري 1967 حيث قمت بتنشيط
الحملة الانتخابية في سطيف التي كانت تضم حينها كلا من بجاية وبرج بوعريريج
والمسيلة، وكنا نحن من أشرف على تحضير القوائم الانتخابية والشعب يختار
ممثليه من بين مرشحي الحزب في القائمة الواحدة.
اعتقدت
أن الانتخابات البلدية ستكون خطوة أولى ستتلوها انتخابات ولائية وأخرى
برلمانية، وكلمت بومدين حول هذا الأمر فرد علي بلهجة مغربية: "بالتي" أي
رويدك، وأضاف "هذا الشعب كي ترخف عليه.. كالديس يجرحك"، أي أن الشعب
الجزائري عندما تخفف قبضتك عليه فقد تنفلت الأمور ويجرحك مثل أوراق نبات
الديس.
تأكدت حينها أن بومدين كان رافضا لفكرة إعطاء الحرية للمناضلين لاختيار
ممثليهم في المجالس الولائية والمركزية، وكان يفضل أن يتحرك ببطء حتى تتضح
الأمور قبل أن ينتقل إلى مرحلة أخرى.
كما
أن مدغري وزير الداخلية لم يكن متحمسا للتنازل عن جزء من صلاحياته لصالح
الهيئات المنتخبة سواء على مستوى البلديات أو الولايات، وشكل ذلك عائقا
إضافيا أمام العودة إلى الشرعية.
وبدأت
هواجسي السابقة تتأكد فنحن خلعنا "ديكتاتورا" لنضع "ديكتاتورا" مكانه
والفرق بينهما أن بن بله لم يكن يسيطر على الجيش أما بومدين فأصبح يسيطر
على كل مقاليد السلطة، فهو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس الثورة
ووزير الدفاع، بل إن مجلس الثورة الذي يمثل القيادة الجماعية التي تشكلت
بعد التصحيح الثوري لم تعد اجتماعاته سوى شكلية وموجهة للاستهلاك الخارجي
والدعائي، أما القرارات الحاسمة فتتخذ خارج المجلس.
شعرت
حينها أن بومدين لا يختلف كثيرا عن بن بله في نزوعه نحو الحكم الفردي
وتصفية خصومه وحلفائه المرحليين الواحد تلو الآخر، وقد يأتي دوري يوما ما،
وقد شممت ذلك عندما عرض عليّ بومدين "ترقيتي" وزيرا للدفاع، وفهمت حينها
أنه يحاول إبعادي عن قيادة الأركان لأنها في اتصال مباشر بالجيش، وإذا تمكن
بومدين من تعيين قائد أركان مقرب منه فسأفقد سلطتي الحقيقية على الجيش
وأصبح معلقا في الهواء، وشككت في أن هذا الاقتراح ليس من بنات أفكاره بل قد
يكون قد أوحى له به أحد مستشاريه لذلك اعتذرت بدبلوماسية عن هذا العرض
"الكريم".
وازدادت
شكوكي بعد أن تهرب بومدين من تحديد صلاحيات هيئة الأركان عندما فاتحته في
الأمر، بل حاصرني بالضباط الفارين من الجيش الفرنسي الذين صاروا يتولون
مناصب قيادية في الجيش والذين لم تكن لدي سلطة حقيقية عليهم في ظل ولائهم
المطلق لبومدين، فرفضت أن أكون مجرد قائد شكلي للجيش.
4 ـ بومدين لم يعد يشاورني في تعيين كبار مسؤولي الدولة
قبل
تنحيتنا لبن بله كان بومدين يستشيرني في الكثير من التعيينات لمناصب حساسة
في الجيش، وكان يأخذ برأيي دون جدال، ولكن بعد التصحيح الثوري بدأ بومدين
يتغير، وأصبح يعين الكثير من المسؤولين في الجيش والحكومة دون الرجوع إلي
أو حتى مشاورتي.
وبلغ
الأمر مداه عندما اقترحت على بومدين تعيين الخليفة لعروسي (والد
المليادردير المسجون عبد المؤمن خليفة) وزيرا في الحكومة، خاصة وأنه وقف
إلى جانبنا عند قيامنا بالتصحيح الثوري ضد بن بله كما أنه كان من الإطارات
المثقفة خلال الثورة وعيّن وزيرا في أول حكومة للجزائر المستقلة، لكن
بومدين كان يرد علي بالصمت، أما بلعيد عبد السلام (أصبح رئيسا للحكومة في
التسعينات) فكان ينتقد خليفة لعروسي بشدة أمام بومدين لكونه كان موظفا لدى
فرنسا قبل الثورة، فدافعت عن خليفة وقلت له "كلنا كنا موظفين عند فرنسا
وحتى بن بله كان مساعدا أولا في الجيش الفرنسي".
وألححت
على بومدين لتعيين خليفة لعروسي في الحكومة وفي آخر مرة رد عليّ بغضب
"كليتلي مخي على لعروسي.. نخليو جماعتنا لنبعد، إذا نعطيه كاتب دولة
للنقل"، وكان يقصد أن نضم في البداية الإطارات الغاضبة علينا لاسترضائها في
البداية لإحداث التوازن داخل دواليب الدولة وكمرحلة ثانية يتم مكافأة
المساندين لنا.
توجهت
رفقة الرائد السعيد عبيد إلى بيت خليفة لعروسي لأعرض عليه منصب كاتب دولة
للنقل العام، وكانت هذه أول مرة أسمع فيها بمنصب كاتب دولة ولم أكن أعلم
بالضبط حجمه أو أهميته، واجتمعت مع لعروسي، وعبد العزيز زرداني وزير العمل،
والدكتور بن غزال وحوحو (أصبح وزيرا فيما بعد) وناقشنا الأمر لكن لعروسي
خليفة امتعض من هذا العرض وقال:
ـ هم يعطيهم وزارات وأنا كاتب دولة.
وهذا الرد زادني أسفا لرفض بومدين طلبي بتعيين لعروسي في منصب وزير فقلت للحاضرين في ذلك اللقاء وأنا حانق على بومدين:
ـ نتوما تدفعوا "لا كاس" نديروها ونروحوا فيها كامل.
- بمعنى "أنتم تدفعون بنا للصدام (مع بومدين)، سنذهب إليه (للصدام)، وسندفع الثمن كلنا