سنتان كاملتان تمضيان على العثور على عصام وحيدا بالقرب من محطة المسافرين في مدينة غليزان.. لا يذكر عصام إلا اسمين اثنين، يعتقد المشرفون على مركز رعاية الطفولة المسعفة أنهما لأبويه المختفيين لحد الآن.
إنها مأساة واقعية.. لأنها لم تنته ولا تبدو نهايتها قريبة، بسبب انقطاع خيط الأمل في التعرف على هوية عصام الكاملة.. وقت العثور عليه، كان سن عصام ثلاث سنوات، حسب تقرير للطبيب الشرعي الذي أكد سلامة جسده النحيف من الأمراض أو أي أثر لاعتداء أو سوء معاملة.
لكن كيف وصل عصام إلى المركز؟ يقول عارفون بملف هذا الطفل التائه بالمركز، بناء على ما رواه عصام نفسه: ''كل ما نعلم أن سيدة تدعى مباركة جاءت بالطفل إلى محطة المسافرين وتركته قبل أن تعثر عليه دورية لمصالح الشرطة في ليلة باردة من ليالي نوفمبر .''2009
ويضيف هؤلاء: ''في البداية حامت الشكوك حول تعرض عصام لاختطاف من طرف عصابات الإجرام والاتجار بالأعضاء البشرية، لكن التشخيص الطبي كذّب هذه الشكوك وتبين أنه كان يعيش حياة كريمة وسط أسرة، يدعى فيها الوالد جيلالي والأم مباركة وشقيقتاه سارة وشيماء وشقيقه محمد''. وبقرار من قاضي الأحداث بغليزان، تم تحويل عصام إلى مركز الطفولة المسعفة هناك، في فيفري .2010
يقول عصام لأقرانه إن والده الجيلالي كان حنونا جدا وكان يصطحبه معه في سيارته إلى أرقى المطاعم، أما والدته مباركة فليست له ذكريات عنها! وهو ما يلقي بظلال كثيفة حول هويتها ولماذا تخلت عنه في محطة للمسافرين؟
حسب الطبيب النفسي الذي يشرف على متابعة ملف عصام الطبي، فإنه بالإضافة إلى ملامح وجهه الجميلة، يتميز عصام بذكاء ثاقب، وأنه طيلة سنوات عمره الأولى، كان يتلقى تربية سليمة مستدلا بالتزامه الشديد باحترام مواقيت تناول الطعام ومواعيد النوم، بالإضافة إلى معاناته في الفترة الأولى من التحاقه بالمركز من حالة انطواء وقلق لازمته فترة طويلة. ولأنه دون لقب عائلي، يتخوف المشرفون على حالة عصام النفسية من التدهور، خاصة أنه يستعد للالتحاق بالمدرسة شهر سبتمبر المقبل.