التركيب الضوئي
التركيب الضوئي مجموعة من العمليات الحيوية، تستطيع بها النباتات الراقية والطحالب الحاوية على اليخضور اصطناع موادها العضوية المختلفة، بدءاً من الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون. ويشترط لحدوث هذه الحادثة توافر الضوء. ويرافق هذه الحادثة تحرير الأكسجين، ويمكن إيجاز ما تقدم بالمعادلة التالية:
وتتضح أهمية التركيب الضوئي إذا عُلِم أن جميع الكائنات التي تعيش على سطح الأرض تعتمد في تنفسها على الأكسجين الناتج عن هذه الحادثة، كما تعتمد في غذائها على المواد العضوية المتكونة بفعل التركيب الضوئي، إذ تمثل هذه المواد المصدر الرئيس للطاقة والغذاء وأساس الاستمرار في الحياة لمعظم الكائنات الحية على سطح الأرض.
تنظيم التركيب الضوئي
تجري عملية التركيب الضوئي بخطواتها المختلفة ضمن خلايا الأقسام الخضر في النباتات الراقية، وتحديداً ضمن الصانعات الخضر chloroplasts التي هي عضيات خلوية صغيرة، كروية أو عدسية أو بيضية الشكل، تحتوي على صباغ اليخضور chlorophyll الذي يُمكِّنها من اقتناص الطاقة الضوئية والتصرف بها.
أما في النباتات الدنيا ـ كالطحالب Algae مثلاً ـ فإن عملية التركيب الضوئي تجري ضمن عضيات خلوية أخرى، تدعى حوامل الأصبغة chromatophores التي تختلف عن الصانعات الخضر في الشكل والبنية.
بنية الصانعات الخضر
الصانعات الخضر مصنع يتم فيه إنتاج الأكسجين والمادة العضوية في خلايا النباتات الراقية. يحيط بالصانعة الخضراء غشاءان، أحدهما خارجي يفصلها عن سيتوبلاسما الخلية، والآخر داخلي، ينخفض في أقسام منه نحو الداخل مشكلاً كيسات أو حويصلات قرصية تدعى تيلاكوئيدات Thylakoides، تبدأ بالانضغاط على نفسها تاركة في داخلها حيزاً ضيقاً يدعى الحويصل loculus، ولا تلبث فيما بعد أن تنفصل عن الغشاء الداخلي متحررة ضمن سردة stroma الصانعة. وهكذا يُميز ضمن الصانعات الخضر ثلاث مناطق: الحويصل وغشاء الحويصل وسردة الصانعة الخضراء. ويمكن للحويصلات أن تتكدس فوق بعضها في مناطق من الصانعة مشكلة حبيبات grana، أو تستمر متوازية ضمن سردة الصانعة مشكلة مناطق بين حبيبية intergrana (الشكل-1).
تنشأ الصانعات الخضراء من أجسام صغيرة قابلة للانقسام والتمايز، تعرف بالأجسام البدئية initial-bodies التي توجد ضمن الخلايا الفتية، ولا تلبث هذه الأجسام إذا ما توافر الضوء، أن تتوسع وتزداد حجماً معطية صانعات خضر وظيفية.
أصبغة التركيب الضوئي
أصبغة التركيب الضوئي هي جزيئات عضوية، ذات تركيب كيمياوي محدد، تتناوب فيه غالباً الروابط المضاعفة مع الروابط البسيطة، مما يكسب هذه الجزيئات خواص لونية تمكنها من امتصاص أمواج ضوئية محددة، والاستفادة منها في تفاعلات التركيب الضوئي. توجد هذه الأصبغة في الصانعات الخضراء لدى النباتات الراقية، وفي حوامل الأصبغة لدى النباتات الدنيا، وتقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسية.
الأصبغة اليخضورية
بيّن العالم الألماني فيشر H.Fischer منذ عام 1930 البنية الكيمياوية لجزيئة اليخضور، المؤلفة من هيكل بورفيرين porphyrine (هيكل رباعي البيرول tetrapyrole) وجذر فيتول phytile (كحول طويل السلسلة) مرتبط به، (الشكل-2). يحتوي هيكل البروفيرين شاردة المغنزيوم في منتصفه، وتتناوب فيه الروابط البسيطة والروابط المضاعفة، مما يكسب جزيئة اليخضور خاصية التلون وامتصاص الضوء، كما تقدم. أما جذر الفيتول فإنه يمثل مركباً كارهاً للماء، يكسب جزيئة اليخضور خاصية دهنية، ويحول دون تجمدها في درجات الحرارة المنخفضة، إضافة إلى أنه يقوم بدور مهم في تثبيت جزيئة اليخضور ضمن أغشية الصانعات الخضر.
تمثل الأصبغة اليخضورية اللاقط الرئيسي لضوء الشمس أو للضوء بوجه عام، وتقسم إلى عدة أنماط من أهمها:
ـ اليخضور (أ) chlorophyll a الذي يعد أهم أصبغة التركيب الضوئي على الإطلاق، ويوجد في جميع النباتات التي تقوم بهذه الحادثة؛ عدا الجراثيم ذات التركيب الضوئي، إذ يحلّ بدلاً منه اليخضور آ ـ الجرثومي bacterio chlorophyII a.
ـ اليخضور (ب) chlorophyll b الذي يوجد مرافقاً اليخضور (أ) ومساعداً له، لكن كميته أقل من اليخضور (أ).
الطيف الامتصاصي لليخضور
يتحدد مجال الضوء الأبيض من مجمل الطيف الكهرمغنطيسي الصادر عن الشمس، ما بين 390 و760 نانومتر (نانومتر = 10-9متر). يبدي اليخضور ضمن هذا المجال امتصاصاً أعظمياً للإشعاعات الزرق (430-470 نانومتر) وللإشعاعات الحمر (640-675 نانومتر)، ويتضاءل أو ينعدم الامتصاص في مجال الإشعاعات الخضر (470-560 نانومتر). لهذا تبدو الأصبغة اليخضورية خضراء اللون، أي إنها لا تمتص الضوء الأخضر، الذي ينعكس أو ينفذ من المحلول اليخضوري. استناداً إلى ما تقدم ظهر مفهوم الفجوة الخضراء green gap ضمن طيف الضوء المرئي لعملية التركيب الضوئي.
الأصبغة الجزرينية
توجد الأصبغة الجزرينية carotinoides مرافقة اليخضور ضمن الصانعات الخضر في النباتات ذات التركيب الضوئي، وغالباً ما تكون مقنعة باللون الأخضر لليخضور، ولكن عند زوال هذا الأخير تظهر ألوانها التي تتدرج بين الأحمر والأصفر وهي التي تكسب الأوراق النباتية ألوانها المميزة في فصل الخريف. يتجلى دور هذه الأصبغة في عملية التركيب الضوئي في إحاطتها لجزيئات اليخضور موفرة لها الحماية والوقاية، لاسيما تجاه الشدات الضوئية العالية، كما تقوم بتحويل الإشعاعات الضوئية الممتصة من قبلها إلى اليخضور للتصرف بها.
تعد هذه الأصبغة من الناحية الكيمياوية مركبات كربونية مهدرجة، تحتوي على 40 ذرة كربون، وتكوِّن سلسلة خطية ذات روابط مضاعفة متناوبة مع روابط بسيطة. وتحمل السلسلة في أحد طرفيها أو في كليهما حلقة عضوية مغلقة أو مفتوحة، (الشكل-3). لا تنحل هذه الأصبغة في الماء ـ بسبب السلسلة الكربونية ـ بل تنحلّ في المذيبات العضوية (كالكحول)، وتقسم إلى مجموعتين:
ـ الجزرينات carotens: وهي أصبغة لا يدخل الأكسجين في تركيبها الكيمياوي، ومثالها الجزرين بيتا b-caroten، الذي يمثل المصدر الرئيس لفيتامين أ في الطبيعة.
ـ الكزانتوفيلات xanthophylls: يدخل الأكسجين في تركيب هذه الأصبغة، ويتبدل تركيبها الكيمياوي بحسب نوع الزمرة الكربونية ـ الأكسجينية، ومنها صباغ الليوتين lutein مثل الذي يوجد بكثرة في الأزهار والثمار الناضجة، كما يوجد أيضاً مادة ملونة ضمن ريش الطيور إذ يأتي عن طريق تناولها له مع الغذاء النباتي.
أصبغةالآحيات الصفراوية
توجد أصبغة الآحيات الصفراوية في النباتات الراقية، وكذلك في بعض الطحالب ضمن حوامل الأصبغة chromatophores وفي الجراثيم ذات التركيب الضوئي. تبدو هذه الأصبغة زرقاء مخضرة أو حمراء بنفسجية ودورها في عملية التركيب الضوئي مشابه لدور الأصبغة الجزرينية، فهي أصبغة ملحقة تقوم بتحويل الطاقة الممتصة من قبلها إلى اليخضور.
تتألف هذه الأصبغة من أربع حلقات بيرول tetrapyrol مرتبطة بعضها ببعض، وترتبط بسلسلة بروتينية. وتعد هذه الأصبغة مركبات قابلة للانحلال في الماء، فهي لا تحتوي في بنيتها على جذر فيتول أو على شاردة مغنزيوم كما في اليخضور (الشكل -4).
تقسم الآحيات الصفراوية إلى ثلاث مجموعات صباغية هي: أصبغة الفيكوارترين phycoerytherin الحمر، وكل من أصبغة الفيكوسيانين phycocyanin والألوفيكوسيانين allophycocyanin ذات اللون الأزرق.
آلية التركيب الضوئي
لا تجري عملية التركيب الضوئي دفعة واحدة وبتفاعل كيمياوي بسيط بل على عدة مراحل. وكان العالم واربورغ Warburg أول من أشار إلى وجود نمطين من التفاعلات: الأول هو مجموعة من تفاعلات أكسدة وإرجاع وإنتاج للطاقة، وتتأثر بالضوء الذي يحض على سيرها، والثاني هو مجموعة تفاعلات كيمياوية أنزيمية تؤدي إلى إنتاج الكربوهيدرات، وتتأثر أيضاً بالضوء (كما وجد حديثاً). استناداً إلى ذلك سميت المجموعة الأولى بالتفاعلات الكيمياوية الضوئية photochemical reactions والثانية بالتفاعلات الأنزيمية enzymatic reactions.
ـ التفاعلات الكيمياوية ـ الضوئية: تجري هذه التفاعلات ضمن الكيَيْسات أو الحويصلات القرصية thylakoides ضمن الصانعات الخضر، وهي تتضمن تفاعلات شطر جزيئات الماء وتحرير الأكسجين، وانتقال الإلكترونات في سلسلة من النواقل الإلكترونية، واستخدام فرق الكمون الناجم عن النقل الإلكتروني في إنتاج جزيئات حيوية غنية بالطاقة (الأدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP).
ـ النظامان الضوئيان في عملية التركيب الضوئي: لقد وجد أنه من أجل شطر جزيئات الماء وانتقال الإلكترونات في سلسلة النقل الإلكتروني الضوئي، لابد من توافر أصبغة تركيب ضوئي ونواقل إلكترونية محددة ترتبط جميعاً وفق ترتيب محدد في مجموعتين من البروتينات المتخصصة ضمن الأغشية الثلاكوئيدية مشكلة ما يعرف بنظامي التركيب الضوئي الثاني ثم الأول photosystem ll,l المعروفين بالاختصارين PSI وPSII.
ـ النظام الضوئي الثاني في عملية التركيب الضوئي: يتم ضمن النظام الضوئي الثاني PSII في البدء شطر جزيئات الماء وتحرير الأكسجين بوساطة معقد أنزيمي يدعى معقد تحرير الأكسجين oxygen evoulving complex أو اختصاراً OEC، وتتحرر أيضاً الإلكترونات التي تنتقل أشفاعاً في مجموعة من النواقل (الشكل-5) هي مركبات كيمياوية (كينونات، سيتوكرومات) ذات خواص أكسدة وإرجاع، ترتبط بمجموعة من البروتينات البنيوية ضمن الغشاء التيلاكوئيدي.
إن هذا النقل لم يكن ليجري لولا وجود اليخضور والأصبغة الأخرى الملحقة التي تترتب ضمن هذا النظام على هيئة معقدات لاقتناص الضوء light harvesting complex، تقوم باقتناص الطاقة الضوئية، وتحويلها تدريجياً إلى جزيئتين محددتين من اليخضور (أ) ذي الموجة الامتصاصية 680 نانومتر (CHI.680) التي تشكل المركز التفاعلي لهذا النظام reaction centre ii أو RCII. يقوم عندها هذا المركز التفاعلي بالاستفادة من الطاقة التي تصل إليه في تحريض الإلكترونات ودفعها للانتقال بعكس مسارها التلقائي مدة قصيرة. تتابع الإلكترونات بعد ذلك انتقالها تلقائياً حتى تصل إلى الناقل الإلكتروني بلاستوسيانين Plastocyanin أو PC، الذي يتمتع بكثافة إلكترونية منخفضة (كمون أكسدة موجب E =+400mV)
النظام الضوئي الأول في عملية التركيب الضوئي: تتم ضمن هذا النظام متابعة نقل الإلكترونات الواصلة إليه من النظام الضوئي الثاني، لكن البلاستوسيانين مركب ذو كمون موجب ولا يمكنه تلقائياً إعطاء الإلكترونات إلى النواقل التي تليه ذات الكمون السالب. وهنا يبرز دور معقد اقتناص الضوء الأول light harvesting complex I أو LHCI، الذي يشبه إلى حد بعيد من حيث البنية والوظيفة ذاك المعقد ضمن النظام الضوئي الثاني. يتمثل المركز التفاعلي لدى النظام الضوئي الأول بجزيئتين من اليخضور (أ) ذي امتصاص الموجة 700 نانومتر، يُرمز لهما بـ Chl.a700 أو RCI. يقوم هذا المركز بدفع الإلكترونات، بعكس سلم التراكيز، التي تتابع بعد ذلك الانتقال حتى تصل إلى مركب النيكوتين أميد ثنائي النيكليوتيد المفسفر NADP. يتوضع هذا المركب إلى الجهة الخارجية من الأغشية التيلاكوئيدية (جهة سردة الصانعة) ويتحول بفعل الإلكترونات الواصلة إليه في نهاية النقل الإلكتروني الضوئي وبفعل الهيدروجين إلى الشكل المرجع (NADPH2)، الذي سيفيد فيما بعد في إرجاع غاز ثاني أكسيد الكربون وتشكيل الكربوهيدرات.
الفسفرة الضوئية: إن المانح الأولي للإلكترونات (وهو جزيئة الماء) يمتلك كموناً موجباً (E = + 800 mV) ويمتلك المستقبل النهائي لها كموناً سالباً (E = -700 mV)، أي إن الإلكترونات تجتاز عتبة من فرق الكمون تساوي 1.2 فولت. تجري بفعل حادثة الفسفرة الضوئية photo- phosphorylation، الاستفادة من فرق الكمون هذا في إنتاج جزيئات كيمياوية غنية بالطاقة ATP بدءاً من الفوسفات اللاعضوي Pi ومركب ADP وذلك بوساطة معقد بروتيني خاص بإنتاج الطاقة ومنخمص ضمن الغشاء التيلاكوئيدي، يدعى بمعقد الأتيبازATP-ase.
التفاعلات الأنزيمية: تجري هذه التفاعلات ضمن سردة الصانعة الخضراء stroma ويتم بها تثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون وإرجاعه لتشكيل سكريات بسيطة، وذلك في حلقة كيمياوية تتضمن 13 تفاعلاً أنزيمياً، ويشترك فيها عدد كبير من السكريات الثلاثية والرباعية والخماسية والسداسية والسباعية الكربون، تدعى هذه الحلقة حلقة كالفن Calvin-cycle نسبة إلى مكتشفها.
إن الناتج النهائي لحلقة كالفن يمثل سكراً سداسياً هو الغلوكوز المفسفر، يتبيّن أنه من أجل إنتاج جزيئة واحدة من هذا السكر لابد لهذه الحلقة من الدوران ست مرات. لقد وجد أنه من الممكن أحياناً أن تغادر بعض السكاكر الثلاثية المسهمة في حلقة كالفن الصانعة الخضراء باتجاه سيتوبلاسما الخلية، حيث تفيد هناك في تشكيل سكريات مختلفة (كسكر القصب مثلاً) إضافة إلى بعض المركبات العضوية الأخرى.
كما يمكن لسكر الغلوكوز المتشكل بفعل حلقة كالفن أن يتحول داخل سردة الصانعة أو في مناطق أخرى من الخلية إلى كثير من المركبات العضوية (سكريات وأحماض دسمة وأحماض أمينية).
لابد هنا من الإشارة أيضاً أنه لا يمكن لحلقة كالفن الدوران وإنتاج الكربوهيدرات إلا إذا توافرت لها نواتج التفاعلات الكيمياضوئية المتمثلة بـ ATP وNADPH2. وهكذا تتضح صلة الوصل الوثيقة بين التفاعلات الكيمياوية الضوئية الجارية ضمن الأغشية التيلاكوئيدية، والتفاعلات الأنزيمية الجارية ضمن سردة الصانعة، كما يتبيّن التأثير غير المباشر للضوء أيضاً في هذه التفاعلات. إضافة إلى ما تقدم فقد تبيّن حديثاً أن الضوء يقوم بدور مباشر ومنظم لحلقة كالفن عن طريق تحريضه عدداً من أنزيماتها (كأنزيم روبيسكو) على العمل، إذ تكون هذه الإنزيمات خاملة في الظلام.
العوامل الخارجية المؤثرة في التركيب الضوئي
تتأثر عملية التركيب الضوئي، كأية عملية حيوية، بمجموعة من العوامل الداخلية (التشريحية) والعوامل الخارجية (ضوء وثاني أكسيد الكربون وحرارة ورطوبة ومثبطات وعناصر معدنية...). لا يستطيع المرء دراسة أثر كل هذه العوامل مجتمعة، بل يعمد إلى دراسة أثر كل عامل على انفراد، ومن أكثر العوامل الخارجية تأثيراً:
أثر الضوء: تتوقف عملية التركيب الضوئي تماماً في الظلام، ولكن شدتها تبدأ بالازدياد مع شدة الضوء الأبيض ما لم يتدخل أحد العوامل المحددة الأخرى (ثاني أكسيد الكربون والحرارة والماء...) حتى تصل إلى حدٍ معين لا تزداد بعده، إذ تكون هذه العملية قد وصلت حد الإشباع الضوئي عندها. وتتعلق قيمة حد الإشباع هذا بنوعية النبات، فهي تبلغ نحو 1000 لوكس lux (واحدة قياس الشدة الضوئية) في النباتات المحبة للظل، وتصل إلى 5000 لوكس في النباتات المحبة للضوء، وتدعى الشدة الضوئية التي تتساوى عندها شدة التركيب الضوئي (انطلاق الأكسجين) مع شدة التنفس (استهلاك الأكسجين) بنقطة التعادل الضوئي، (الشكل-6).
يؤدي ارتفاع الشدات الضوئية، إلى مجالات أعلى من حد الإشباع، إلى الإضرار بجهاز التركيب الضوئي، وينعكس ذلك سلباً على العملية ذاتها، التي تبدأ بالتناقص. ويمكن في الشروط الطبيعية ملاحظة هذا الأثر عند النقل الفجائي لأحد نباتات الظل المتأقلمة إلى منطقة أخرى معرضة لضوء الشمس المباشر، إذ يبدأ النبات عندها بالاصفرار التدريجي نتيجة تخرب اليخضور، ومن ثم موت النبات.
ثاني أكسيد الكربون: تتعدد مصادر غاز ثاني أكسيد الكربون في الطبيعة (تنفس كائنات حية ودخان وتفسخ مواد عضوية وبراكين...) ومع ذلك فإن نسبة هذا الغاز في الجو لا تزيد على 0.03٪. وتعد هذه النسبة دون حد الإشباع لحادثة التركيب الضوئي، لذلك، ومع ازدياد هذه النسبة ضمن المجال 0.03-0.20٪، ومع توافر الشروط الأخرى الملائمة (ضوء وحرارة ورطوبة...)، فإن شدة التركيب الضوئي تزداد باطراد. ويجري استغلال الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون ضمن البيوت البلاستيكية والزجاجية المغلقة حيث يصل تركيزه ضمنها حتى 0.1٪، الأمر الذي يقود إلى رفع إنتاجية النباتات الباكورية ضمن هذه البيوت بمعدل ثلاث مرات.
إلا أن ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون إلى حدودٍ أعلى من 0.2٪ ينعكس سلباً، بصورة غير مباشرة، على عملية التركيب الضوئي، حيث تتثبط حادثة التنفس ويموت النبات، ويؤدي انخفاض تركيز هذا الغاز دون 0.01٪ إلى توقف عملية التركيب الضوئي أيضا،ً نتيجة نقصان الركيزة اللازمة لاصطناع الكربوهيدرات.
الحرارة: تشتمل عملية التركيب الضوئي على طور من التفاعلات الأنزيمية التي تتأثر تأثراً كبيراً بالتبدلات الحرارية خارج الحدود الفيزيولوجية للنوع النباتي.
يعد المجال الحراري 10ْ-30ْم هو الأمثل لقيام معظم النباتات بالتركيب الضوئي. ويؤدي ارتفاع درجة الحرارة خارج هذا المجال إلى تثبيط فعالية أنزيمات حلقة كالفن، كما يترافق ذلك مع إحداث تلف في البنى البروتينية للأغشية التيلاوئيدية ضمن الصانعات الخضر، كما يقود الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة إلى توقف الفعاليات الأنزيمية ضمن هذه الصانعات. وعلى الرغم مما تقدم، توجد في الطبيعة بعض الأنواع النباتية المتأقلمة التي تشذ عن هذه القاعدة، فهناك مجموعات من الجراثيم الزرقاء Cyanobacteria تقوم بالتركيب الضوئي، مع أنها تعيش في ينابيع حارة تصل درجة حرارتها إلى + 60ْم، وبالمقابل هناك أنواع نباتية أخرى (أقماح شتوية وسبانخ وشيبيات المناطق القطبية) تتحمل البرد الشديد وتقوم بالتركيب الضوئي في درجات حرارية دون الصفر.
الماء: يعد الماء ضرورياً لقيام النبات بالتركيب الضوئي، ويتضح ذلك من إلقاء نظرة إلى معادلة التركيب الضوئي، إذ يمثل الماء إحدى الركائز التي تدخل في تفاعلات التركيب الضوئي وتؤثر في سير معادلته. لكن كمية الماء هذه لا تمثل إلا جزءاً يسيراً جداً، وبالتالي فإن نقصان الماء ذو تأثير غير مباشر على معادلة التركيب الضوئي ذاتها، إلا أن نقصان الماء يقود إلى إغلاق النبات لمساماته للتقليل من النتح المائي، وبما أن المسامات هي الطريق الوحيدة لدخول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى داخل الخلية النباتية، فإن إغلاقها سيقود بالنتيجة إلى تباطؤ أو توقف حادثة التركيب الضوئي.