هذا موضوع وجدته أثناء أبحاري في الأنترنت فأحببت أن أشارك به الأعضاء وأرجو أن يستفيد منه الجميع
هل نحن حقا نتحاور؟؟
لا أعني فقط في هذا المنتدى إنما في كل مجال ومكان
هل ما يحدث بيننا حوار ؟؟ أم شيء آخر؟؟
حاور \ تحاور هي على وزن فاعل \ تفاعل
وهي صيغ في اللغة العربية تعطي معنى المشاركة في الفعل
يعني وبعيدا عن التعقيدات
فالحوار يقتضي وجود طرفين او عدة أطراف لهم آراؤهم المتعددة ومعنى حوار أن يعرض كل طرف رأيه في المسألة موضوع النقاش ويستمع بشكل حقيقي وواع للآراء الأخرى دون أن يكون متسلحا منذ البداية بفكرة أن كل ما عدا رأيي خطأ لا يحتمل أي وجه للصواب ورأيي فقط هو الصواب ولا خلاف على ذلك هذه الفكرة المسبقة تجعله حتما يسمع الآراء الأخرى بأذنه أو عينه (إن كانت مقروءة كما هنا) ولا يسمعها بعقله ويحكم عليها بإنصاف
وبالتالي تكون النتيجة ألا حوار وكل واحد أصلا يدخل ليكلم نفسه ويصر على فكرته ورأيه وفي النهاية نجد ألا فائدة من كل ما يقال وأننا جميعا أضعنا الوقت بلا طائل...
كم من برنامج في التلفزيون على هذه الصورة؟؟ وكم من جلسات شهدناها في حياتنا (وربما كنا طرفا فيها) اتسمت بهذه السمة؟؟
وأيضا:كم من موضوعات في المنتديات كانت بهذا النمط؟؟
الخلاصة:
علينا أن نفهم معنى هاما:
الحوار وسيلة لا غاية بحد ذاته
وسيلة لتبادل الفكر وإثرائه
وسيلة لبيان الحق وعرض وجهات النظر كلها
وسيلة لتعلم مهارات قبول الآخر وسماعه (ليس بالأذن بل بالعقل الواعي دونما تعصب)
وإلا سيكون حتما إضاعة للوقت بلا طائل...
والآن
دعونا جميعا نراجع أنفسنا ونمارس حقنا في الحوار الحقيقي المفيد المثمر بإذن الله........
بعض الآداب العامة للحوار
ما يمكن التأكيد عليه هنا أن التأدب بآداب الإسلام العامة والخاصة يعطي حوارا إيجابيا ومن بين هذه الآداب العامة:
إخلاص النية :
تعتبر النية أصلا أساسيا في جل العبادات والمعاملات وبها تتميز العبادة عن العادة ، ولهذا يجب على كل متحاور " أن يخلص النية في جداله وحواره ويكون قصده في ذلك التقرب إلى الله تعالى وطلب مرضاته في امتثال أمره فيما أمر به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الحق وإزهاق الباطل فلا يقصد المباهاة وطلب الجاه والرياء"
التقوى :
وهي فضيلة أراد بها القرآن أحكام ما بين الإنسان والخلق وإحكام ما بين الإنسان وخالقه ، ولذلك تدور هذه الكلمة ومشتقاتها في أكثر آيات القرآن الأخلاقية والاجتماعية ، والمراد أن يتقي الإنسان ما يغضب ربه وما فيه ضرر لنفسه أو ضرر لغيره وبهذا يكون الحوار مأطر بحصانة التقوى .
الصبر :
لأن " عمدة الأمر في استخراج الغوامض وإثارة المعاني هو الصبر على التأمل والتفكير " ولولا الصبر لانهارت نفس الإنسان من البلايا التي تنزل عليه . ولأصبح عاجزا عن السير في ركب الحياة، وأصبح في حالة يكفر فيها بالقيم الأخلاقية فضلا على أنه يصبح عنصر شر لا نفع منه منعزلا عن المجتمع ومنفعلا مع مكوناته . لا يفتح باب الحوار.
السماحة والتخلي عن التعصب:
أي تخلي كل الفريقين اللذين تصديا للمحاورة الجدلية حول موضوع معين عن التعصب لوجهة نظره السابقة وإعلانهما الاستعداد التام للبحث عن الحقيقة والأخذ بها عند ظهورها سواء كانت هي وجهة نظره السابقة أو وجهة نظر من يحاوره أو وجهة نظر أخرى. وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى الأخذ بهذه القاعدة: إذ علم الرسول أن يقول للمشركين في مجادلته لهم "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" وفي هذه الآية غاية التخلي عن التعصب لأمر سابق، وكمال الرغبة بنشدان الحقيقة أنى كانت والسماحة وعدم التعصب لا يعنيان بالضرورة الانهزام بل هما أوج القوة الفكرية وسمو التربية الروحية .
كما أن لكل موضوع ضوابط يتبين بها مدى تسامح / تعصب المتحاورين،
أضف إلى ذلك أن عدم التعصب\السماحة لا يعني بالضرورة التخلي والاستسلام ونهج ما يرتضيه الغير وإن كان في ذلك مخالفة للنقل الصحيح والعقل الراجح، ولكن المقصود عدم اضطرار الغير إلى مطابقة تفكيره تفكيرك
حسن الظن :
فالأصل البراءة فلا ظنه ولا تهمة ! ولا ريبة. ولا مزايدة على الإخلاص لله أو للأمة. فإن جميع الفصائل المتحاورة لديهم الحرص على الإخلاص للأمة ولكن الاختلاف في وسائل تحقيق المصلحة . وبحسن الظن تتوفر أرضية صالحة للحوار. لا ضغينة ولا أحكام مسبقة فيها.
سلوك الحسنى :
مصداقا لقوله تعالى " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " ومن تأمل الآية الكريمة وجد أنها لا تكتفي بالأمر بالجدال بالطريقة الحسنة ، بل أمرت بالتي هي أحسن ،
فإذا كان هناك طريقتان للحوار والمناقشة : أحدهما حسن والأخر أحسن منها . وجب على المسلم أن يجادل بالتي هي أحسن جذبا للقلوب وتقريبا للأنفس المتباعدة.
الهدوء :
فإنه يستحسن أن يكون الحوار هادئا لا تترافع ولا تتعالى فيه الأصوات وذلك لأن جو المحاورة يتطلب الهدوء "
والحوار الهادئ الذي يقابل الحسنة بالسيئة ويقلب الهياج إلى وداعة والغضب إلى سكينة والتبجح إلى حياء على كلمة طيبة ، ونبرة هادئة وسيمة صائبة في وجه هائج غاضب متبجح مفلوت الزمام ، ولو قوبل بمثل فعله ازداد هياجا وغضبا وتبجحا ومرودا وخلع حياءه نهائيا وأفلت زمامه وأخذته العزة بالإثم " .
ضوابط وتقنيات أثناء الحوار
ضوابط أثناء الحوار
الابتداء بنقاط الاتفاق :
وذلك بالانطلاق من نقط مشتركة تعتبر مبادئ لكل طرف من أطراف الحوار هذه النقاط التي يظن أنها موجودة بين سائر البشر إذ أن " كل إنسان ولو كان كافرا لا يعدم نقطة خير في قلبه يبدأ بها المسلم فيدخل إليها أو يدخل منها . ثم ينميها ويسير بها إلى هدفه الذي يريد " وتكون القاعدة التي يتأسس عليها الحوار .
معالجة الفكرة وفق الضوابط المعمول بها في إطارها واحترام التخصص:
" فإذا كانت عقائدية عرضها على القرآن والصحيح من السنة وإذا كانت فقهية عرضها على الأصول والضوابط الفقهية مع ضرورة الأخذ بمذهب قائلها ودليله من مصادره وليس من مصادر خصمه وأفواه الشانتين عليه " فإن كان في غير تلك المجالات نوقش في مجال تخصصه ووفق ضوابطه . فلكل علم رجاله ولكل فن أهله. و إلا فالتجرأ على جميع التخصصات من علامات التشتت الفكري الذي لا ينتج عنه إلا الصدام .
احترام حق البنوة والأبوة :
يجب مراعاة حق الأبوة والأمومة والرحم فلا يجوز مواجهة الآباء والأمهات بخشونة ولا الأخوة والأخوات بغلظة بدعوى أنهم عصاة أو مبتدعون أو منحرفون . فإن هذا لا يسقط حقهم في لين القول، وخاصة الأبوين وحسبنا أن الله تعالى قال في حقهما " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " وليس هناك ذنب أعظم من الشرك .
كما أن احترام حق الأبوة قد يوجه الحوار إلى منحى إيجابي يفضي إلى نتائج لا تتصور ويقنع أحد الأطراف الأخرى .
قبول النتائج :
قبول النتائج التي توصل إليها الأدلة القاطعة أو الأدلة المرجحة إذا كان الموضوع فيه الدليل المرجح وإلا كانت المجادلة من العبث الذي لا يليق بالعقلاء أن يمارسوه . كما أن قبول النتائج يوضح مدى حسن نية المتحاورين، وإلا فتحديد النتائج عند البداية ضرب من الجنون.
شعور المتحاورين أن نتيجة حوارهم تنتظرها الأمة:
وأن أولي الأمر سيضعون نتائج الحوار موضوع التنفيذ فإن هذا الإحساس من أكبر العوامل الدافعة للمتحاورين إلى إجادة موضوع حوارهم. وبذل قصارى جهدهم لإنجاحه والتعمق فيه غوصا وراء اللآلئ الحقيقية من الآراء السديدة والتجارب المفيدة . وهذا عكس إذا ظن المتحاورات أن حواراتهما مجرد خطابات شخصية دون إدخال طرف مستفيد ثالث. وبذلك تكون الخطابات حبر على ورق أو قول متناثر في الهواء.
تحديد نقاط الاتفاق في نهاية كل حوار:
" فنتواص جميعا بالعمل بها ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه. وبالتالي فلا يحاول بعضنا أن يؤثر في بعض ليكون نسخة منه لأن هذا فيه من التدخل في شؤون الغير " كما يمكن الاستفادة من نقاط الاتفاق في الحوارات الأخرى ولكي تكون محط بداية كذلك .
الضوابط التقنية
تحديد المصطلحات:
وعدم الوقوع في تلبيس المصطلحات وتحميلها ما لا تطيق ولا تحتمل وخصوصا تلك التي تعتبر " مفاهيم يلزم تحديدها وتوضيحها لما يترتب عليها من آثار بالغة الخطورة في الحكم على الآخرين وتقويمهم وتكييف العلاقة بهم وذلك مثل: مفاهيم الإيمان والإسلام والكفر والشرك والنفاق والجاهلية ونحوها .
اجتناب الغريب:
وهو المحتمل من غير قرينة وكلام السفهاء " لأن الغريب يكون غير واضح وغير موصل والمحتمل من غير قرينة كذلك كما أن الكلام الغريب يغير اتجاه موضوع الحوار إلى البحث عن معاني لتلك المصطلحات الغريبة ومنه يضيع الوقت.
اجتناب الإطالة والاختصار في غير محلها:
إذ الإطالة تجر الأخطاء وتجلب الملل.والاختصار في غير محله يحول دون المراد وذلك بنقص جوانبه وحيثياته . لذا نجد العلماء اشترطوا في الكلام ما يأمنه ويوجهه
يقول الماوردي: واعلم أن للكلام شروطا لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها ولا يهوى من النقص إلا بعد أن يستوفيها
وهي أربعة :
الشرط الأول :
أن يكون الكلام لداع يدعوا إليه . إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر .
الشرط الثاني:
أن يأتي به في موضعه ويتوخى به إصابة فرصته
الشرط الثالث :
أن يقتصر منه على قدر حاجته
الشرط الرابع :
أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به ،
فهذه أربعة شروط متى أخل المتكلم بشرط منها فقد أو هن فضيلة باقيها .
ضبط النقل:
والأمانة في ذلك والحذر من النقل على لسان الأعداء والمحاولة قدر المستطاع نقل أفكار الآخرين من مصادرها الأصلية ونقل ما عليه إجماعهم في الصدد وعدم نقل الرأي الشاذ لديهم كما من الضروري نقل ما صح عند الآخر وعدم نقل ما ضعفه . وضبط النقل يبين مدى حرص الضابط في تحري الحقيقة وأنه سينقل ما توصل إلية الحوار كما هو دون زيادة ولا نقصان أو تحريف.
بعض عوائق الحوار
لقد عرفت عدة حوارات التوقف والفشل وعدم الاستمرارية نتيجة عدة أسباب ، غير أن أغلب تجمد الحوارات وفشلها في بعض الأحيان ، مرجعه في المقام الأول إلى عدم التقيد بأدب الحوار ومضامينه في المخاطبة والمجادلة أسلوبا وممارسة "
في حين نجد عوائق أخرى تحول دون الحوار أو استمراره نحو :
سوء الظن :
وهو من العوائق التي تحول دون وقوع الحوار فإذا كان حسن الظن يسمح بتحقيق أرضية للحوار والمساواة بين المتحاورين فإذا سوء الظن مرض ينتشر في النفوس الضعيفة نهى الإسلام عنه بقوله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم ٌ) لما يجلبه من ويلات وحروب .
الحسد:
وهو من أقبح الخصال التي تصيب الإنسان وتنكد له عيشته فإن الحسود الذي يتمنى الشقاء والتعس لغيره يشقى نفسه أيضا بهذا الحسد إذ يمنع عن نفسه فوائد الحوار والتواصل مع الغير ويجلب له الإثم وسوء العاقبة.
الكبرياء :
" رذيلة من الرذائل الاجتماعية تغرس الفرقة والعداوة بين الأفراد فتقضي على التعاون والمحبة بينهم " وبذلك يظهر الطرف المتحاور للطرف المتكبر أنه دون مستواه ولا يستحق أن ينزل إليه إذ يعتبر ذلك نقصا وعيبا لكن الحقيقة أن عدم التواضع هو النقص والعيب وأن صاحب الكبر مآله ما أخبر به الرسول فيما رواه عنه حارثة بن وهب الخزاعي أن النبي قال " الا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضاعف لو أقسم على الله لأبره آلا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر " .
الغضب :
وهو من العوائق التي تحول دون استمرار الحوار القائم ، وهو كذلك محاولة إبطال دعوى الخصم قبل أن يقدم الدليل عليها وهو من الرذائل الخلقية التي إذا تحكمت في نفوس الناس وتمكنت من مجتمعاتهم كان لها أسوأ الأثر في حياتهم ونتائج بشعة في تمزيق روابط المودة بينهم .
استفزاز الغير :
واحتقاره بأسماء وألقاب تؤدي إلى انفعاله وذلك قصد وضعه في موقف حرج وإرباكه وتحويل انتباه الغير الملاحظ من تتبع الحوار إلى الشماتة وقد نهى الإسلام عن هذا الأسلوب في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .
مع تحيات المشرف العام