تأسرني رؤية طفل بكامل براءته التي فطره الله عليها.. ولكن هيهات أصبحت رؤية هؤلاء نادرة أو قليلة .. فقد اغتلنا تلك البراءة وشوهنا معالمها بأمور كثيرة .. قد يكون أقلها الهيئة واللباس والتقليعات ، .. لذا نعرض هنا بعض النماذج لإهمالنا وتفريطنا في تربية أطفالنا وفهم عالمهم والتعامل معه علَّنَا نعالج السبب والمسبب للاغتيالات المتكررة للراحلة براءة ..
نماذج ...
* أطفالنا جُلهم إن لم نقل كلهم يكذبون .. كيف تعلموا الكذب وكيف عرفوا تزييف الحقائق وقد وُلِدُوا على الفطرة !! بكل بساطة يا سادة إنهم يستمعون للتناقض والتزييف من والديهم أو أحدهما فيثمر التعليم والغرس ينتج ..
* من الأطفال من يتلفظ كثيراً بألفاظ نابية أو قذرة .. ولا يجدون من يمنعهم أو يوجههم بل يقابلون بالابتسامة والإعجاب على الفصاحة وطلاقة اللسان ولو بسيئ الألفاظ ..
* البعض الآخر من أطفالنا تعلقت نفوسهم بسماع الغناء ومتابعة المسلسلات .. من السبب ؟؟ وكيف تعودوا عليها !! كان عندي طفلة تتأخر في الحضور للحلقة سألت أختها يوما لم تتأخر أختك ولا تحضر معك !! قالت أتيت وهي تشاهد المسلسل وستأتي بعد أن ينتهي !!!
من علمها ؟؟ من عودها !! من وجهها ؟؟ من رباها ؟؟ من أدبها وحفظها عما يخدش براءتها !!
* يترك الأطفال بل قد يرغمون على البقاء أمام جهاز الرائي أو الفيديو لمشاهدة الرسوم المتحركة .. بما في بعضها من اغتيال لبراءتهم .. ولما في بعضها الآخر من إعاقتهم عن مزاولة نشاطهم الطبيعي وحركتهم ولهوهم البرئ الذي يكون أحياناً كثيرة من أسباب قتل الإبداع والنبوغ والتفكير ..
* بعض الأطفال قد ينعم الله عليهم في مقابل فساد أهليهم أو إهمالهم بمعلمين ومعلمات صالحين وصالحات ويؤدون أدوارهم التربوية والتعليمية على أكمل وجه وبطبيعة الأطفال وفطرتهم يتقبلون ويتحمسون لما يغرس في نفوسهم وعقولهم الغضة .. ولكن المشكلة تكمن في عودتهم لمنازلهم ورؤيتهم المتناقضات بين ما تعلموه من خلق ودين وعلم وبين ما يرونه من أهليهم من تجاوز وتعدٍ لكل ما غرس معلميهم في أنفسهم الوقوف عنده وعدم تجاوزه .. وطبعا هم يرون والديهم قدوتهم ومثلهم الأعلى .. فبهذه التناقضات يعيش الطفل في دوامة ومتاهة لا أول لها ولا آخر .. متذبذب حائر ..لا استقرار لتفكيره ولا ثقة ولا اطمئنان لمن حوله .. وقد واجهنا تساؤلات الأطفال البريئة عن التناقضات التي يعيشونها ما بين (المنزل) الأسرة والتي تناقض تصرفاتها المدرسة وما يتلقون فيها من أخلاق وآداب ..فما ذنب هؤلاء الأطفال ليعيشوا الازدواجية ويعانوا منها منذ صغرهم !! ولم لا نمثل لأبنائنا قدوة صالحة ومثالا يحتذى به أو على الأقل نتجنب فعل السوء ولو أمامهم فقط ..
تقول إحدى الأخوات : كانت تأتيهم ابنة جارتهم الصغيرة وتمكث عندهم وقتاً من كل يوم ولمّا لاحظت هذه الصغيرة أن هذه الأخت لا تشاهد الرائي سألتها مستنكرة عن السبب فأخبرتها أنها لا تشاهده لأن الله لا يريد أن نشاهده ونسمع ما يكون فيه من موسيقى وغناء وقد أعدّ لنا في الجنة أفضل منها إذا تركناها .. المهم أن الطفلة علقت بمخيلتها الكلمات وتذكرت منزلها والتناقض بين من كانت تراهم قدوتها وبين ما سمعت من هذه الأخت !! عادت الطفلة لمنزلها وفي المساء كان أقاربها الشباب مجتمعين أمام الرائي ويقلبون في القنوات الفضائية بصخبها وضجيجها ومنكراتها فدخلت عليهم الطفلة تصرخ فيهم وتنادي بإغلاق الجهاز .. حاولوا ثنيها ولكنها ألحت وكانت تقول لهم حرام والله سيغضب منا ولن ندخل الجنة .. وهم يهدئونها ويحاولون إسكاتها ودون فائدة استمرت في إزعاجها لهم وتساءلوا عن المصدر الذي علمت منه أن الرائي والموسيقى لا يحبها الله فأخبرتهم بخبر جارتهم فما كان من والدتها إلا أن اتصلت بوالدة هذه الأخت وطلبت منها أن تُسكت ابنتها وتطلب منها أن تكف عن إخبار الطفلة بما يحبه الله وما يبغضه وأنها أزعجتهم بإنكارها تصرفاتهم !!! تقول محدثتي وبعد ذلك لم أرها إطلاقاً .. وسمعت عنها فيما بعد عندما كبرت مالا يسر مسلم غيور ..
* طفلة لم تبلغ السادسة كل حديثها عن الزواج والعريس والعروسة بغض النظر عن كونها تردد ما لا تدرك ماهيته ولكن لم تشغل طفلة بهذه الأمور الكبيرة والتي تغتال براءتها !.. وتسمع التعليقات عليها يمينا وشمالا من أقاربها بأحد الشباب المراهقين .. وكانت تستنكر .. وعندما سافر الشاب .. تأسفت عليه وقالت سافر قبل أن أتزوجه ..!!!
هذا أنموذج آخر لاغتيال براءة أطفالنا .. بل لانتهاكها..
* العام الماضي قرأت في منتدى الحصن النفسي موضوعا لمعلمة تطلب فيه الحل والطريقة الصحيحة للتعامل وإنقاذ طفلة في الصف الخامس الابتدائي تتعرض لتصرفات لا أخلاقية من ابن عمها الصغير .. والذي أظنها قالت تعلّم هذه التصرفات من الخادمة ..وهي ـ الطفلة ـ بدورها تنقلها لصديقاتها !!
أرأيتم أن براءة أطفالنا تغتال وتسلب منهم بسبب أقرب الناس لهم ..!!
فأين الوالدين ؟؟ كيف يغفل ويترك الأبناء لتغتال براءتهم بهذا الشكل المقزز !!!
* يحدث كثيراً شجار وخصام بين الوالدين على مرأى ومسمع من الأطفال .. والذين بدورهم تهتز ثقتهم بمصدر الأمان والثقة بالنسبة لهم ويصبح الأمر صعب على أذهانهم كثيرا أن تستوعبه فمن المخطئ والدهم الذي يسعى لأجلهم ويوفر لهم كل شئ أم والدتهم التي تحنو عليهم وتطعمهم وتلبسهم !!!
بل لا نبالغ إذا قلنا أن أكثر المشاكل النفسية للطفل سببها الوالدين .. وخاصة الخوف والقلق الذي يكون مصدره فقدان الطفل للشعور بالأمن بين أبويه.
* عند لحظة غضب من أحد الوالدين وغالبا الأم يسمع الأبناء تفريغ شحنات هائلة من الشتائم وإنكار فضل الأب وجميله طوال العمر ووصفه بكل قبيح وسيئ .. وذلك أحيانا كثيرة لحظة تهورٍ وغضب تزول سريعا عن الأم ولكن آثارها لا تزول في نفوس الأطفال الذين تغيرت نظرتهم المثالية لوالدهم ..!!
* تطالعنا بين فينة وأخرى ملابس وتقليعات غريبة صارخة لا تناسب إطلاقا براءة أطفالنا وتعاليم ديننا الفطرية ومع ذلك نصر على اغتيال براءتهم وجمالهم بتكفينهم بهذه الملابس.. وهنا أتساءل ما لجمال الذي يشاهده أولياء هؤلاء الأطفال بهذه التقليعات والموضات التي تغتال جمال الأطفال الحقيقي الذي يتجسد ببراءتهم ولو كان لباسهم يخلو من الغرابة والتقليعات!!!
* اصطحاب كثير من الأسر لأطفالها في أماكن الفساد واللهو وإطلاعهم على الفساد وتعويدهم عليه منذ الصغر .. كما أننا نخطئ كثيرا باصطحاب الأطفال للمناسبات أو الحفلات الاجتماعية التي تخالف تربيتنا لأطفالنا والتي تولد بعقولهم تناقضات بين ما يرون وما يغرس في نفوسهم .. فحفلات غناء ورقص وعري وضياع وقت ماذا ستكون نتائجها وآثارها على الأطفال ؟؟