تؤثر صعوبات القراءة على نحو 10% من الأطفال، ولهذه الصعوبات أهمية خاصة لدى الأخصائيين النفسيين بسبب الصلات القوية نسبياً بينها وبين مشكلات السلوك. وتعتبر كافة صعوبات القراءة في الأطفال تطورية في منشأها، حيث أن إمكانية حدوث تلف دماغي في الطفولة المتوسطة أو المتأخرة ينجم عنه اضطرابات القراءة المكتسبة، ولكن خرف الطفولة المبكرة يفضي أيضاً إلى تدهور متقدم في مهارة القراءة. ت
خلفية معلوماتية عن القراءة العادية
عندما يبدأ الأطفال في القراءة، فإنهم يتعلمون إدراك عدد صغير من الكلمات المألوفة جداً "مثل أسمائهم" على أساس المفاتيح البصرية للشكل العام للكلمة، وفي هذه المرحلة المبكرة يكونون عاجزين عامة عن تفسير الكلمات الجديدة. وبناء عليه فعندما يحاولون فهم مبادئ توافق الصوت مع الحرف، يلزمهم استراتيجية صوتية لفك شفرة الكلمات الأقل ألفة، وفي النهاية، عندما تصير القراءة سلسلة، يتم إدراك معظم الكلمات ككيان مفرد دون حاجة إلى تفسير فونولوجي "صوتي". وبالرغم من تداخل المهارات اللغوية والإدراكية المتعددة للقدرة على القراءة السلسلة، فإن الاختلاف الفردي في المقدرة على القراءة يكون أكثر ارتباطاً بالقدرات اللغوية عن الإدراكية. وبشكل خاص، فإن إدراك ووعي الأطفال النطقي كما يتأسس، مثلاً، بواسطة حساسيتهم للقافية والجناس الحرفي هو عامل تكهن جيد بمدى قدرتهم على القراءة وإجادتها بواسطة تأثير معامل الذكاء (IQ). إن تحسين الوعي النطقي يعزز مهارة القراءة التابعة. وتقترح معظم دراسات التوائم أن التغاير العام يعلل حدوث 30-50% من الاختلافات الشخصية في قدرات الأطفال على القراءة فضلاً عن وجود العوامل البيئية، ومدى إمداد الوالدين لهم من خبرات، وكذلك نوعية وجود التعليم المدرسي، لها أيضاً تأثير عظيم. ت
صعوبات القراءة النوعية
تعتبر بعض قدرات الأطفال على القراءة منخفضة الجودة، كما هو متوقع من سنهم ومعامل ذكائهم، ويقال إنهم مصابون بصعوبات القراءة النوعية وتقدر اختبارات القراءة مدى دقتها أو فهمها – ويتم نمطياً اختبار دقة القراءة بأن نسأل الأطفال عن قراءة كلمات أو فقرات ذات صعوبة متزايدة – وفي اللغة الانجليزية يكون الأمر سهلاً نسبياً بأن تحكم على صعوبة قراءة كلمة معينة إذا وجدت الأطفال يتعثرون في قراءتها ولا ينطقونها بشكل صحيح. ت
هذا أصعب في الحكم على لغات أخرى مثل الأسبانية ذات التهجئة التي يمكن توقعها، مما يسمح لأطفال بلفظ كلمات لا يعرفونها بسهولة. أما اختبار فهم القراءة فيتم بسؤال الأطفال أسئلة عن فهم مقاطع سبق قراءتها، وبذلك نقدر مدى جودة استيعاب معنى الكلمات. أما الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة الخاصة فيقابلهم مزيداً من الصعوبات في اختبارات الدقة وليس الفهم، إذ أنهم يستطيعون استخدام مفاتيح الشفرات من السياق العام لتخمين المعنى الكلي حتى وإن عجزوا عن قراءة بعض هذه الكلمات وعلى الجانب الآخر، فإن الأطفال المصابين بفرط التلفظ يجيبون جيداً في اختبارات دقة القراءة ولكن لا يفهمون بالضرورة ما قرأوه. ت
إن العلاقة بين سن القراءة ومعامل الذكاء تتضح بيانياً. فالعلاقة جوهرية جداً بمعامل ارتباط يساوي 0.6 ولا عجب في ذلك فإن الأطفال الأكثر ذكاءً نتوقع منهم مستوى أفضل في القراءة، ومن الجدير بالذكر كذلك إن السن المتوقع من القراءة لا يساوي العمر الفعلي، فهناك نكوص باتجاه المتوسط وهكذا نجد أن الطفل في عمر العاشرة وعمره العقلي 13 سنة لن يستطيع في المتوسط أن يقرأ حتى مستوى قراءة 13 سنة بينما الطفل في العاشرة وعمره العقلي 7 يمكن في المتوسط أ، يقرأ أفضل من مستوى قراءة 7 سنوات. وتقريباً يقع 95% من الأطفال ضمن انحرافين معياريين لسن القراءة المتوقع لهم. إن صعوبات القراءة النوعية تشير إلى أفراد مثل الفرد (ب) والفرد (ج) والذين تفوق إنجازاتهم القرائية انحرافين معياريين أقل من مستوى قراءتهم المتوقع وهذا يتوافق مع عمره 10 سنوات بكونه حوالي 2.5سنة أقل من المستوى المتوقع. بالرغم أن معظم الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النوعية يقرأون عند أقل من المتوسط لأعمارهم الزمنية وبعض الأطفال المتفوقين جداً والذين يعانون من صعوبات خاصة في القراءة تكون قدرات القراءة عندهم متوسطة وبالعكس فالذي نعنيه من تخلف القراءة لا يتضمن بالضرورة صعوبات قراءة خاصة لأن مهارات القراءة المنخفضة للطفل قد تنتظم في خط واحد مع الذكاء المنخفض. ت
وبالرغم من أنه يمكن أن نعرف صعوبات القراءة الخاصة مجازاً على أنها تحصيل القراءة، والذي يقل بمقدار انحرافين معياريين تحت المستوى المتوقع، فهذا التعريف القاطع يتضمن بالفعل مجموعة الأطفال من ذوي الإعاقة الأساسية والمتواصلة. حيث يمثل هؤلاء الأطفال بالفعل زيادة كبيرة إضافية في قاع منحنى التوزيع الطبيعي الممثل للقدرة على القراءة، ولم يثبت بعد مدى اختلاف هؤلاء الأطفال كيفاً أو كماً عن الأطفال الأكثر تخلفاً في القراءة. ت
الوبائيات
تصيب صعوبات القراءة النوعية نحو 3-10% من الأطفال. وتظهر معظم الدراسات أنها أكثر شيوعاً في الذكور عنها في الإناث بمقدار مرتين أو ثلاثة أضعاف، كما أنها أكثر شيوعاً في الأطفال الذين يعمل آباءهم أعمالاً يدوية بالأحرى. وقد بلغ معدل انتشار صعوبات القراءة النوعية في سن 10 سنوات 4% في جزيرة وايت مقابل نسبة 10% في داخل لندن، وهو اختلاف يمكن تفسيره بعوامل اجتماعية، وأسرية ومدرسية. ت
السمات المصاحبة
أ-تتأثر عملية التهجئة أكثر من القراءة نفسها، وقد تدوم مشكلات التهجئة حتى ولو أصبحت القراءة سلسلة بشكل منطقي. وقد لا يصاحبها تأخراً في المهارات الحسابية بنفس قدر مهارات القراءة بالرغم من وجود بعض التأخير أحياناً. ت
ب-أخطأ التهجي غالباً ما تكون وخيمة وغريبة فقد تكون غير صوتية (تختلف في نغمة نهايات الكلمة فتشوه كلمة أو صوتية مثال إسقاط حرف من كلمة يكون فيها حرف صامت أصلاً، وإن أخطاء القراءة تقوم على محاولات لتخمين الكلمة من شكلها وليس على محاولات خاطئة ومعيبة لفك شفرة الكلمة صوتياً. ففي كلاً من القراءة والكتابة، قد تكون الحروف والكلمات معكوسة مثلاً p بدلاً من q أو saw بدلا من was، وهي ظاهرة العكوسية! ت
ج-ويكون احتمال إصابة الأطفال الذين يعانون من صعوبة القراءة النوعية باختلالات عصبية تطورية وباختلاف عصبية نفسية أكثر من الآخرين، بما فيها اضطراب الخلط بين اليمن – اليسار، والافتقار إلى التناسق وقدرات بنائية ضعيفة وشذوذات لغوية. أما الأطفال الذين يعانون من التأخر المبكر في اللغة، لكنهم قادرون على تعويض ما فاتهم بسرعة، فإنهم لا يعدون مستهدفين للإصابة بخطر صعوبات التعلم النوعية بشكل أشد وأعظم. ت
د-تتراوح معاملات ذكاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات نوعية في القراءة بين شديد الذكاء إلى غبي جداً، ومتوسط معامل الذكاء للأطفال المصابين بصعوبات نوعية في القراءة يتراوح بين المتوسط أو تحت المتوسط قليلاً. أما معامل الذكاء اللفظي الشفوي فيميل ليكون أقل من معامل ذكاء الأداء. هذا قد يعكس ليس فقط تمركزية اللغة أكثر من اعتمادها على الواقص البصرية المكنية في صعوبات القراءة النوعية، بل أيضاً حقيقة أن الأطفال الذين يقرؤون قليلاً لديهم فرصة أقل لتراكم المهارات التي وضحت بواسطة الاختبارات الرعية اللفظية. ت
هـ-لم تدعم الدراسات الوبائية الوصف الإكلنيكي بأن استخدام اليد اليسرى أو السيادة المختلطة للدماغ، تكون متمثلة بوضوح في صعوبات القراءة النوعية. وقد وجدت إحدى الدراسات الحديثة فرط وزيادة مستخدمي اليد اليسرى الأقوياء ومستخدمي اليد اليمنى الأقوياء من بين الأطفال المصابين بصعوبات القراءة النوعية. ت
و-إن صعوبات القراءة النوعية تكون أكثر شيوعاً بين الأطفال في العائلات كبيرة العدد. ت
ز-يصاحب صعوبات القراءة النوعية عدداً من المشكلات النفسية كما هو مفصل في نهاية هذا المقطع. ت
صعوبات القراءة النوعية وتأخر القراءة
هل يوجد أي نقطة تميز صعوبات القراءة النوعية عن القراءة الضعيفة، وتتوافق مع معامل ذكاء الطفل، مثلاً ، الفرق بين الشخص (أ) والشخص (ب) ، والإجابة محل جدل، فبعض الباحثين يرون بأنه يوجد مبرر عملي بسيط للتمييز ويرى الآخرون بأن صعوبات القراءة النوعية، وتأخر القراءة يجب تمييزهما لأنهما يختلفان في المآل والسمات المصاحبة لكلاً منهما. ت
صعوبات القراءة النوعية وخلل القراءة التطوري
هل توجد مجموعة فرعية من الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النوعية يتبعون تشخيص خلل القراءة التطوري على أساس أن مشكلات القراءة لديهم هي جزء من عرض عصبي أكبر وهو متعلق ببنيان الجسم وليس بالبيئة. ت
إن البرهان الوبائي في جزيرة ويت لا يدعم هذه الفكرة بدراسته لمجموعة صغيرة تعاني من صعوبة القراءة، وبالرغم من أن هؤلاء الأطفال كانوا حقاً أكثر احتمالاً للإصابة بمشكلات عصبية تطورية وعصبية نفسية أخرى مثل "تناسق ضعيف وتآزر معيب ونقص في بنية الجسم، واختلاط (التباس) بين اليمين واليسار، فمعظم الأطفال عانوا من واحد أو أكثر من هذه المشكلات الإضافية، ولم توجد إشارة أو دليل على انقسام الأطفال إلى مجموعتين منفصلتين: مجموعة تعاني من صعوبة القراءة ومشكلات مصاحبة كثيرة ومجموعة لا تعاني من صعوبة قراءة ومشكلات قليلة جداً. وعلاوة على ذلك وجد أن الطفل الذي عانى من صعوبة القراءة النوعية مع كثير أو قليل من المشكلات العصبية التطورية المصاحبة لم يوجد أي فارق في المآل بخصوص حالته أو مدى استجابته للعلاج أو احتمال إصابة لمشكلات نفسية مصاحبة أو احتمال أو وجود تاريخ عائلي إيجابي لحدوث مشكلات مماثلة للقراءة في العائلة. ت
ويوجد حالياً تبرير ضعيف للتمييز بين خلل القراءة التطوري وصعوبات القراءة النوعية، فبعض التربويين والباحثين يتجنبون استخدام مصطلح "خلل القراءة" على الإطلاق، بينما آخرون يستخدمون المصطلح لوصف مجموعة من الأطفال يعانون من عجز واضح جداً في المهارات النطقية "حتى لو كان بعض هؤلاء الأطفال قد عوضوا هذا العجز وبدأوا يقرءون جيداً". وقد رأى البعض وقف استخدام هذا المصطلح الجدلي، ومع ذلك فإن الواقع يجرنا لإعادة استخدام المصطلح مرة أخرى، فصعوبة القراءة، معروفة جيداً وعادة ما تنقل رسالة ما تتضمن أن مشكلات قراءة الطفل لا تعود إلى غباء أو تكاسل منه، مما ينجم عنها منافع عملية هامة للطفل مثال "منحة وقت أطول للإجابة على الامتحانات" وبافتراض ذلك فلا يوجد مبرر لإهمال أي طفل يعاني من صعوبات القراءة النوعية سواء وجدت الأعراض العصبية التطورية المصاحبة أم لم توجد، وخاصة إن كان هذا سيعمل في مصلحة وفائدة الطفل بوجه عام. تت
أسباب حدوث صعوبات القراءة النوعية
ليست صعوبات القراءة النوعية حالة متوافقة أو متجانسة، ويعزى ذلك إلى غموض سبب عدم التجانس هذا وهل يعود إلى اختلاف في شدة هذه الصعوبات أم في نوعيتها، ويبدو أنه من المرجح أن نشأة المرض وأسباب إمراضه تختلف في معظم الحالات، وتبدو المشكلات النطقية مركزية، وهذا يجعل الأمر من الأصعب للأشخاص المصابين بزيادة في مفردات القراءة لديهم أن يقوموا بإطلاق ونطق كلمات جديدة، وبذلك يوالفون أنفسهم عليها. وفي قلة قليلة من الحالات، تكون المشكلات البصرية الإدراكية أكثر أهمية من غيرها المرتبطة باللغة وإن أهمية شذوذات التحكم في حركة مقلة العين أو الهيمنة البصرية هو محل جدل. ويعرف القليل عن الأطفال الذين يؤدون جيداً في الاختبارات الخاصة بدقة القراءة ولكن يؤدون أداءً سيئاً في اختبارات فهم القراءة، إلا أنهم يمتلكون مهارات إعرابية ومعجمية رديئة ويفشلون في الاستفادة من معاني السياق النصي. وتم فحص صعوبات القراءة النوعية مبدئياً في التجمعات السكانية المتكلمة بالإنجليزية. فهل الرابطة بين المشكلات الصوتية وصعوبات القراءة النوعية تعكس بشكل أساسي عدم التوقع المعروف عن الهجاء في اللغة الإنجليزية؟ ومن المدهش أن المشكلات الصوتية مرتبطة كذلك بصعوبات القراءة النوعية في اللغات مثل الإيطالية والألمانية. وبالنسبة للأطفال المصابين بصعوبات القراءة النوعية والذين يتكلمون هذه اللغات، فإن نطق الكلمات ليس صعباً جداً، لكن آلية هذه العملية تعتريها مشكلات جمة. وقد أظهرت دراسات الأسرة والتوائم قابلية وراثية جوهرية، حيث ارتبطت المشكلة بوجود جينات ضمنية على الكروموسومين (15q) و (6p)، كما أن البيئة الاجتماعية النفسية ذات أهمية عظيمة كما يتضح مثلاً بالحقيقة القائلة أن صعوبات القراءة النوعية كانت أكثر شيوعاً بقيمة الضعف وأكثر في قلب لندن عنها في جزيرة وايت. ت
إن الأطفال المعاقين عصبياً "المصابين بالصرع أو الشلل الدماغي" هم أكثر احتمالاً للإصابة بصعوبات القراءة النوعية عن الأطفال الأصحاء ذوي معامل الذكاء المعادل، أما الأطفال المصابون بصعوبات القراءة في غياب الاضطرابات العصبية الواضحة، فتنشأ من الشذوذات التطورية في المناطق المرتبطة باللغة في نصف الكرة الدماغي الأيسر، وركزت الدراسات العصبية التشريحية والعصبية الإشعاعية على أهمية المنطقة الصدغية، وهي منطقة من الفص الصدغي لها دورها في العملية الصوتية إذا وجد أن اللوح الصدغي أكبر في الجانب الأيسر من المخ عنه في الجانب الأيمن في الأفراد الذين يقرأون بشكل عادي، بينما نجد أن هذه الحالة من عدم التماثل بين النصفين تبدو غالباً مفقودة في الأشخاص ذوي مشكلات صعوبات القراءة النوعية. إن النتائج الحديثة التي تؤكد على زيادة إصابة مستخدمي اليد اليسرى الأقوياء، مستعملي اليد اليمنى الأقوياء بصعوبات القراءة النوعية هي من النتائج المحيرة. ت
إن نموذج (آنيت) الوراثي لاستعمال أي من اليدين يشير إلى أن مستعملي اليد اليسرى واليمنى بقوة هم أساساً من "متشابهي اللاقحة"، بينما مستعملو اليد اليمنى بشكل معتدل أو طفيف هم أساساً من "مختلفي اللاقحة". ت
تدخلات لمعاونة من يعانون من صعوبات القراءة النوعية
يعتبر الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النوعية في نظر والديهم أو مدرسيهم أما أغبياء، أو كسالى. وهذه الآراء تفاقم الصورة الرديئة للذات، والتي تتكون بالفشل المتكرر في المهمات الأكاديمية. ت
إن إعلام الآباء والمعلمين والأطفال بأن مشكلات القراءة هي ببساطة ليست نتيجة الذكاء المنخفض أو الجهد الضعيف غير الكافي هو أمر هام، يكون له أعظم الآثار لتكوين اتجاهات جيدة وتعزيزية وكذلك واقعية وإيجابية. وحيث وجد أن بعض الآباء يعتقدون أن صعوبات القراءة هي علامة عن كون الطفل موهوب بشكل خاص، فمن الهام أن نتجنب أيضاً الخطأ المقابل الخاص بتعزيز التوقعات العالية جداً، ولاسميا لو كان الطفل ذا ذكاء متوسط أو دون المتوسط، وإن ذكر قائمة بمشاهير الناس المصابين بعسر القراءة، ليس بالضرورة ذو نفع في هذه الحالة. ت
قد يتلقى بعض الأطفال المصابين بصعوبات القراءة النوعية مساعدة زائدة في قراءتهم وتأنيبهم أثناء بقائهم في المدرسة التقليدية. وفي الحالات الوخيمة، وعندما تكون صعوبات معرفة الطفل بالحروف حجر عثرة لا يمكن تخطيه للتقدم الأكاديمي في كافة المواضيع الأخرى، فإن الإيداع في وحدة خاصة أو مدرسة خاصة قد يساعد كثيراً، فبعض المدارس تتخصص فقط في صعوبات القراءة النوعية " كاحتياجات خاصة"، بينما البعض الآخر ينهض بأعباء مدى واسع من مشكلات التعلم بما فيها هذه صعوبات. ت
وتاريخياً، فمعظم التدخلات والمساعدات لتحسين القراءة وحدها نجم عنها منافع قصيرة المدى وليس مكاسب دائمة. وخالياً يتم دمج عمليات تعليم القراءة مع العمل المكثف لزيادة الإدراك الصوتي والتدريب المحفز، مما أدى إلى نتائج واعدة جداً. إن زيادة معاونة الآباء لأطفالهم على القراءة قد يكون نافعاً حقاً. ت
النتيجة
من غير العادي أن يلحق الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النوعية تماماً بأقرانهم، والكثيرون منهم يتخلفون كثيراً بعيداً جداً عن المقدمة، ليس بسبب افتقادهم المهارات، لكن لأنهم يحققون تقدماً أقل كل عام عن أقرانهم الطبيعيين. إن مآل القراءة الجيدة يتحسن بوجود معامل الذكاء (IQ) العالي ومع خلفية اقتصادية – اجتماعية جيدة وتتزايد مصاعبهم الأكاديمية في وجود مشكلات في التهجي، مما يجعلها أكثر وطأة واستمرارية وينتهون عادة إلى الحصول على مؤهلات مدرسية ضعيفة، حتى لو لم يصاحبها مشكلات سلوكية، وكنتيجة لمؤهلاتهم الضعيفة ومشكلاتهم المستمرة المتواصلة مع مهارات التعلم وانعدام الأمية، فهم أكثر احتمالاً من أقرانهم بأن يتخذوا مهناً يدوية "حرفيون" في حياتهم كراشدين وبالغين. ت
أمراض نفسية مصاحبة لصعوبات القراءة
أوضحت العديد من الدراسات أن صعوبات القراءة النوعية مرتبطة بقوة نسبياً مع اضطراب السلوك والجنوح. ففي دراسة أجريت على الأطفال في عمر 10 سنوات في جزيرة وايت وجد أن 1/3 من هؤلاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النوعية مصابون باضطرابات السلوك، وثلث الأطفال ذوي اضطراب السلوك كان لديهم صعوبات القراءة النوعية. وتقترح البراهين الحديثة أن الحلقة الأساسية قد تكون بين صعوبات القراءة النوعية وبين فرط النشاط، وليس بينها وبين اضطراب السلوك والجنوح ، فإن الحلقة المباشرة بين صعوبات القراءة النوعية وفرط النشاط سينجم عنها وصلات غير مباشرة بين صعوبات القراءة وكل من اضطراب السلوك والجنوح. ت
"إن ظهور ارتباط غير مباشر لا يستبعد احتمال وجود روابط مباشرة أيضاً ناجمة عن الإحباط المتولد عن مشكلات التعلم والفشل المدرسي أحياناً، مما يثير اضطراب السلوك والجنوح". ت
لماذا تتواجد عادة مشكلات القراءة والسلوك معاً؟ هناك ثلاث إجابات محتملة وقد يكون كل منها صحيحاً، على القل في بعض الحالات. أولاً، إن مشكلات السلوك قد ينجم عنها مشكلات ثانوية في القراءة وبالرغم أنه من الممكن أن السلوك المضطرب في الفصل يتعارض مع التقدم الأكاديمي للطفل، ألا أن هناك دليل تجريبي ضعيف على ذلك. ثانياً، قد ينجم عن مشكلات القراءة مشكلات سلوكية ثانوية، وقد أشارت نتائج دراسة جزيرة وايت أن صعوبات القراءة النوعية عادة ما تفضي إلى مشكلات سلوكية ثانوية ربما كنتيجة للإحباط والتهميش المتولد عن الفشل الدراسي. ت
وأخيراً فإن مشكلات القراءة والسلوك قد تحدث معاً لن لهما أسباب مشتركة، سواء بنيانية أو بيئية. وتشير بعض الدراسات أن فرط النشاط قد يكون السبب الرئيسي لكل من مشكلات السلوك والقراءة وترتبط مشكلات السلوك والمهارات الضعيفة قبل القراءة ارتباطاً وثيقاً بالفعل في أطفال الحضانة، أي لفترة طويلة قبل أن تتداخل مشكلات السلوك مع العمل المدرسي وقبل أن ينجم عن مشكلات الطفل المدرسة حالة التهميش. وتقترح دراسات المتابعة أن هؤلاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات القراءة النوعية والذين يخلون من اضطرابات نفسية إضافية في منتصف الطفولة لن يعانوا من مشكلات نفسية بالمقارنة بأقرانهم في مرحلة المراهقة "باستثناء وجود خطر متزايد من المشكلات المصاحبة للتحكم في المزاج في المراهقات من ذوات صعوبات القراءة النوعية". ت
وعندما يصاحب مشكلات صعوبات القراءة النوعية مشكلات أخرى من مشكلات السلوك، فإن المآل في المراهقة يكون أسوأ. فهؤلاء الأفراد أكثر احتمالاً لترك المدرسة في أول فرصة، ولا يحصلون على مؤهلات ويتخذون حرفاً غير ماهرة ويكون لهم سجل عمل ضعيف. وبالرغم من أن صعوبات القراءة النوعية، يكون مصحوباً باختطار عالي نسبياً من الإصابة بالمشكلات النفسية/ الاجتماعية المعاكسة في الطفولة والمراهقة، فإن دراسات المتابعة إلى البلوغ تقترح بأن تأثيرها على التكيف الراشد أقل وضوحاً بدرجة كبيرة. ت
وبالرغم من أن مشكلات التعلم ومحو الأمية الكبرى عادة ما تتواصل وتستمر إلى مرحلة البلوغ والرشد، فإن البالغين يكونون قادرين على تكييف اختيار مهنتهم وأسلوب حياتهم وفقاً لذلك ولا يظهرون مشكلات نفسية أو اجتماعية أكثر مما هو متوقع.