القرحة Ulcer

القرحة Ulcer
يمكن لأي شخص أن يصاب بالقرحة وهنالك شخص واحد بين كل ستة أشخاص في الغرب يعاني من القرحة في وقت من الأوقات ، وقبل خمسين سنة كان أربعة أشخاص من الذكور يصابون بالقرحة مقابل انثى واحدة فقط لكن هذه النسبة تتغير مع الوقت ، واليوم يتزايد عدد النساء المصابات بالقرحة وينخفض عدد الذكور الذين يصابون بها ، ولا نعرف سبب هذا التغير حتى الآن لكن إحدى النظريات تقترح أن التدخين يمكن أن يكون عاملا مساهما في ذلك .
تحصل القرحة عندما تحصل حفر في البطانة الوقائية للمعدة ( وتسمى بالقرحة المعدية ) أو عندما تحصل الحفر في الامعاء الدقيقة ( وتسمى بالقرحة المعوية ) هذه القرحة تحصل بسبب حصول اضطراب بين الدفاعات الطبيعية للجهاز الهضمي وبالتحديد جهاز المعدة والامعاء وبين المواد التي تفرز الاحماض الضرورية لعملية الهضم .
وتشمل هذه المواد مادة الهيستامين histamine ومادة اسيتلكولين acetylcholine ومادة غاسترين gastrin التي تفرز كلها عادة في الخلايا القائمة في بطانة المعدة ، وعندما ينشط الجهاز العصبي هذه الخلايا فإنها تتحد لإفراز الأحماض .
لكن المشكلة هي أن هذه الخلايا قد تنتج الكثير من الأحماض التي تبدأ تدريجيا بجرف جدران المعدة أو الامعاء الدقيقة ، وحتى اليوم اعتمدت العلاجات على مواد تركيبية مصممة لإبطال مفعول الاحماض ، لكن بعض هذه الاحماض ضرورية لتعقيم أو إبطال نشاط البكتيريا أو الجراثيم التي تدخل إلى الجسم مع الطعام بحيث أن إبطال بعض هذه الأحماض المذكورة يكون له مؤثرات جانبية مؤذبة كذلك نحتاج للاحماض لتنشيط مادة الببسين وهي الانزيم الذي يعمل على تفكيك البروتينات خلال الهضم .
ويظن العلماء أن الطريق الحقيقي إلى الشفاء من القرحة هو تحفيز آليات الدفاع في الجهاز المعدي ، المعوي وأحد أهم هذه الآليات هو مجموعة الحوامض الدهنية المسماة بروستاغلاندين prostaglandins التي تنشط فترة قصيرة خلال عملية الهضم لإعاقة انتاج الأحماض ولتحفيز مقاومة المعدة ، ولقد أظهرت الاختبارات على أشخاص مصابين بالقرحة المعدية بأن مستوى انتاج مادة البروستاغلاندين عندهم ضعيفا .
وهنالك آلية دفاعية أخرى في المعدة هي الهورمون المسمى عنصر نمو البشرة E G F epidermal growth factor الذي يساعد في خفض انتاج الأحماض ولقد عمل الباحثون على اختبار مواد تركيبية تستند إلى كلا الهورمونين المذكورين ( بروستاغلاندين و EGF ) بحيث يمكن تناولها على شكل أقراص أو مسحوق ، وتعمل أدوية أخرى مضادة للقرحة مباشرة على المواد التي تنتج الأحماض من خلال ( تولي ) عمل خلاياها وبحيث تخفض الكمية المنتجة من الاحماض بنسبة 50 بالمئة ، فيتخلص سطح بطانة المعدة من 500 ألف خلية كل دقيقة ويحتاج إلى ثلاثة أيام لإعادة تجديد نفسه كليا ، وبما أن أحماض المعدة قادرة على تسبيب انحلال نسيج المعدة في غضون ساعات فإن المواد المذكورة لتخفيض الاحماض تعطي المعدة فرصة المقاومة لترميم أي ضرر .
ولكننا لم نربح المعركة ضد القرحة حتى اليوم ورغم فعالية الأدوية الحديثة فإن أكثر من نصف المرضى الذين يتم علاجهم باستثناء أولئك الذين يخضعون للجراحة يعودون للمعاناة من القرحة في غضون سنة أو سنتين .
والعلماء اليوم في سعيهم للحصول على الشفاء من القرحة مضطرون لإعادة النظر في أفكارهم المتعلقة بالغذاء والحمية الغذائية وتتكون أغشية خلايا بطانة المعدة من مواد دهنية تعرف بالشحوم lipids والتي يمكن لكثير من العناصر التي تحتوي على مستوى منخفض من الجزيئيات المؤينة النفاذ إليها وتشمل هذه العناصر الخل والكحول وبعض أنواع عصير الفواكة والمواد المنظفة الموجودة في معجين الأسنان من ناحية أخرى فإن الأطعمة المفعمة بالتوابل والتي كان يظن أنها تؤدي إلى القرحة ، تحتوي على مستوى مرتفع من التأين في بنية جزيئياتها ومن الآمن تناولها .
وكان يظن أيضا في الماضي إن الأشخاص الذين يعملون في ظل ضغط نفسي شاق مرفق بعناصر القلق والإجهاد هم أكثر تعرضا للقرحة من الأشخاص الذين يكون نمط حياتهم مريحا لكن الاكتشافات الجديدة في علم الطب تبطل هذه النظرية وبل تقلبها رأسا على عقب حيث أظهرت الدراسات التي أجريت مؤخرا على رجال ونساء يعلمون في وظائف تخضعهم لضغوط قوية أنهم ليسوا أكثر عرضة للإصابة بالقرحة الأشخاص من الآخرين .